من نتائج الجولة الأولى للانتخابات أنها عكست الإرادة الشعبية في التغيير، وعكست التحفظ الشعبي الواسع تجاه الجمعيات السياسية بمختلف اتجاهاتها.
الرغبة الشديدة في التغيير تكشف ربط شريحة واسعة من المواطنين بين الجمعيات السياسية وأسباب الأزمات السياسيــــة المتعاقبــــة فـــي المجتمـــع، فهنـاك مــن يعتقــد أن الجمعيــات طغــى عليها التطرف السياسي بأيديولوجياتها وأجنداتها، وبالتالي قادت المجتمع إلى التطرف.
الآن فـي ظـل الرغبـة الكبيرة نحو التغييــر، ورفض مترشحي الجمعيات السياسية لصالح شخصيات مستقلة من الممكن أن تهيمن على المجلس النيابي والمجالس البلدية، فإن هناك فرصاً واسعاً لعودة خط الاعتدال ليكون محور التفاعلات السياسية.
مجتمـــع البحريـــن حـــرم مــن الاعتــدال السياسي طوال أكثر من 12 عاماً هي عمر التجربة الديمقراطية، وخلالها كان التطرف السياسي هو السائد، وهو ما حـــال دون نضــوج التجربة الديمقراطيــة التـــي تعرضت لأزمات عميقة، وساهمــت الجمعيات السياسية في ذلك بشكل رئيس. لا يعني ذلك أن الجمعيات السياسية يجب إنهاء وجودها، بل ينبغي إعادة النظر في تجربتها وتطويرها لتعكس فعلاً المكونات والاتجاهات السائدة في المجتمع. التطرف السياسي قاد المجتمع للكثير من الأزمات، حيث أدى إلى العنـف السياســي، ثم الإرهاب، وظهور جماعات إرهابية متطرفة لها امتدادات في الداخل والخارج استطاعت استقطاب شريحة من الأطفال والشباب للانخراط فيها.
لا يمكن الجزم بأن نتائج الانتخابات قـــادت إلى إنهاء التطرف السياسي فــي البحرين، لأن الإجابة ستكون جاهزة الأسبوع المقبل، وليس الآن، ولكن هناك مؤشرات جيدة ومقبولة تكشف من الآن أن هناك فرصاً كبيرة في عودة خط الاعتدال الطبيعي إلى البحرين.
ما يحتاجه المجتمع اليوم إلى مزيد من الاعتدال السياسي الذي سيساهم في مزيد من الاستقرار الأمني والسياسي، ويفتـــح المجــال أمــام فــرص جديـــدة للإصلاحات السياسية، والإسراع بوتيرة التحول الديمقراطي خلال العقود المقبلة.
ولكن التفاؤل والإفراط فيه، ليس مهماً كثيراً بقدر أهمية الدخول في مرحلة جديــدة من العمل السياسي، وكيفيــة الحفاظ على الاعتدال، وإنهاء أي محاولات أو عوامل تساعد على استمرار وعودة التطرف.
لنا وقفات أخرى الأسبوع المقبل، بعد ظهور نتائج الانتخابات حتى يمكننا تقديم رؤية نهائية حول طبيعة المرحلة المقبلة، وتأثير النتائج على المجتمع والنظام السياسي والتحول الديمقراطي.