لم تتغير مطالب البحرينيين وكذلك مصالحهم وتطلعاتهم في العام 2014 عن نظيرتها في العام 2002 رغم الفارق الزمني الذي يزيد عن العقد. الأزمة الإسكانية مازالت حاضرة وبقوة مع الجهود الضخمة المبذولة، والمطالبات بتحسين مستوى المعيشة مازالت مستمرة، ومازاد عليها هذا العام هو مطلب الأمن أولاً. فلماذا اختار البحرينيون في انتخابات 2014 تغيير 75% من نوابهم ليكون هناك 30 نائباً جديداً في سابقة جديدة لتجربتنا البرلمانية الحديثة؟
ستة أسباب رئيسة دفعت البحرينيين لتغيير ممثليهم في البرلمان عبر صناديق الاقتراع، وهي أسباب جوهرية تستحق التمعن بها ودراستها لأنها تكشف جانباً هاماً لمجتمع مازال في بدايات التحول الديمقراطي.
السبب الأول الذي دفع البحرينيين نحو التغيير هو إصرارهم على الخيار الديمقراطي الذي بدأه منذ التصديق على ميثاق العمل الوطني، ومشاركتهم الكثيفة في الانتخابات عكست هذا الإصرار.
أما السبب الثاني للتغيير فهو الرغبة في إنهاء احتكار القوى السياسية على الغرفة المنتخبة من السلطة التشريعية، وتثبت كافة المؤشرات حجم التراجع الكبير والتدريجي لهذه القوى داخل المجلس النيابي، خاصة وأن مثل هذه القوى لم تمثل البحرينيين بشكل حقيقي بقدر تمثيلها لأجنداتها وأيديولوجياتها.
الرغبة في أن يعكس المجلس النيابي مختلف المكونات في المجتمع ويحمي مصالحها والمصلحة الجماعية المشتركة هو السبب الثالث للتغيير، حيث يبرز الاعتقاد المتنامي بأن المجلس لا يعكس اتجاهات الناخبين رغم أنهم من قاموا بتشكيله عبر صناديق الاقتراع، وهنا يفترض تنامي ترشيد الوعي السياسي. تعتقد شريحة واسعة من المواطنين بأن مرحلة ما بعد 2014 يجب أن تكون مختلفة عما قبلها لأنها مرحلة تجاوز الصراعات السياسية بعد انكشاف الأجندة لجميع القوى السياسية. هذا السبب الرابع يعني الحاجة لتمكين قوى سياسية جديدة داخل النظام وإن لم تكون موجودة أساساً.
السبب الخامس هو وجود قناعة عامة بأن القوى السياسية وصراعاتها تفتح المجال أمام التدخلات الأجنبية في الشؤون البحرين، وبالتالي لابد من تجاوزها والحد من نفوذ هذه القوى.
إلـــى جانب هذه الأسباب، فإن السبــب السادس هو قناعة البحرينيين بأن تغيير الأوضاع الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية يبدأ من تغيير ممثلي الشعب لأنهم قدموا جل ما يملكون من إمكانات وقدرات، ولذلك تظهر الحاجة نحو تغيير أشمل ليفوز نواب جدد أكثر كفاءة وأقدر على معالجة المشكلات والتحديات الوطنية. من الأهمية بمكان دراسة الأسباب والمتغيرات والنتائج في انتخابات 2014 لأنها تعطي أبعاداً مختلفة عما يمكن أن يكون من حراك سياسي في مملكة دستورية مثل البحرين، ومنطقة محافظة تجاه الديمقراطية لخصوصياتها التاريخية.