الآن هم يحتفلون، يقيمون الولائم، يوزعون الحلويات، يبعثون رسائل الشكر.. وخفتت الوعود. إنهم نواب الشعب وممثلوه الفائزون، اليوم لديهم هذا وغداً حين يعقد المجلس الوطني سيكون أمراً... أو، لا يكون.
أصحاب السعادة نوابنا الجدد.. نحن نعلم أن منكم من يحمل شهادات عليا، وخبرات جيدة في مجال تخصصه، وأن منكم من لديه حضور ونشاط في العمل الاجتماعي، ولكننا أيضاً نعلم أن منكم من لم يتجاوز تعليمه (التوجيهي)، ومن كان زميلاً لنا في العمل، متواضع الأداء قليل الانضباط. وأن منكم من لا يعرفه جاره بالجُنب. وكلكم ستقفون على قدم المساواة لتحقيق آمال هذا الشعب وطموحاته، ولن يقبل أحد منكم عذراً.
أصحاب السعادة نواب الشعب.. عليكم أن تعلموا، وأنتم تدخلون تحت قبة البرلمان، أن الشعب البحريني شعب واع. وأن وعيه يزداد بعد كل تجربة. الشعب البحريني في التجربة البرلمانية أسقط كتلاً كانت متكتلة بصلابة، وأوهن تيارات كانت تزعم أنها المهيمنة على المزاج البحريني. لا تأمنوا أمواج الشعب الساكنة فهي تجيد اقتناص لحظة الانقلاب. الشعب البحريني يا أصحاب السعادة النواب سوف يتابع حضوركم وانصرافكم لجلسات البرلمان، وسوف يرصد مداخلاتكم وتصويتكم، وسيمتحنكم في التواصل معه، وسيقيس انحيازكم له أو انحيازكم عليه.
أصحاب السعادة.. إن أسوأ بدعة ورثكموها نواب البرلمان السابق، الذين مازال بعضهم مرابطين فيه لهذا الدور الانعقادي، هي بدعة (أقوى مداخلة). وهي مسرحية من مشهد واحد يعدها النائب في هم معيشي معين للناس مثل رفع الرواتب أو انقطاع الكهرباء أو مشكلات الأرامل أو البيوت الآيلة للسقوط أو... ويتدرب النائب على إلقاء المشهد بأداء يمتزج فيه الزجر للحكومة مع التعاطف مع الشعب بوتيرة صوتية تتذبذب بين الصراخ والانجرار للبكاء، ثم يختم النائب المشهد المسرحي بعبارة اللهم هل بلغت؟ أو أنا أؤدي واجبي في نقل صوت الشعب.. بعد ذلك يقوم النائب ببث المشهد المسرحي على اليوتيوب وشبكات التواصل الاجتماعي ليؤدي وظيفته الثانية في الترويج للنائب وفي إسقاط العتب عنه، بأنه تكلم وتحرك في البرلمان، وأدى دوره تجاه الناس كما ينبغي.
أصحاب السعادة النواب.. نحن لسنا سذجاً!! نحن نعرف أن البرلمان ليس صراخاً ونواحاً، بل صياغات تشريعية ومراقبة لأداء الحكومة. وهذا ما لم يتطور بالحد الكافي في التجربة البرلمانية البحرينية. لذلك سيترصد الشعب البحريني لكم جيداً في هذا المجال. وسيكون قاسياً عليكم في الحكم. فهو من أوصلكم لمواقعكم، وباسمه ستحصلون على الامتيازات والسيارات ولقب صاحب السعادة. فانتبهوا لسعادة الشعب البحريني.
أصحاب السعادة النواب.. ستجدون أمامكم حكومة ورثت أزمات كثيرة بعد فبراير، ومن ورائكم شعب يريد من يحقق مطالبه بعيداً عن الحجج والتذرع بالعقبات. فكونوا عند حسن ظنه، وكونوا سنداً له وعوناً له، لا عوناً عليه. الشعب يريد تحسين وضعه المعيشي، يريد رفعاً للرواتب، وإعادة جدولة هياكله الوظيفية، وتحسين الخدمات التعليمية والصحية والبلدية التي أخذت تتراجع بشكل واضح. يريد محاربة الفساد المالي والإداري وتولي الأكفأ كي تعود البحرين للريادة والصدارة في مستويات التنمية على المستوى الخليجي والعربي.
أصحاب السعادة نواب الشعب الجدد والمستمرين معنا من الدورات السابقة.. بعد أن تختموا أفراحكم وتنتهوا من استقبال التهاني. ندعو لكم بأن يعينكم الله على الموقع الذي امتحنكم به. ففيه تختبر الوعود وتتكشف المصداقيات. فكونوا عند وعودكم وكونوا ممثلين حقيقيين لهذا الشعب، ولا تكونوا مجرد متسلقين طامحين للجاه والصيت.