عينت الجمعية العامة بالأمم المتحدة اليوم التاســـع من ديسمبر -يوم غد- بوصفــه اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وذلك مـن أجل إذكاء الوعي بمشكلة الفساد. هذا وعرفت الجمعية العامة مفهوم الفساد على أنه «ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان، فالفساد يقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويسهم في الاضطراب الحكومي. ويضرب الفساد فـــي أسس المؤسسات الديمقراطية بتشويهه العمليات الانتخابية مما يحرف سيادة القانون عن مقاصدها ويؤدي إلى ظهور مستنقعات بيروقراطية لا بقاء لها إلا من خلال الرشى. كما إن التنمية الاقتصادية تتوقف بسبب تثبيط الاستثمار الأجنبي المباشر. وبسبب الفساد ويصبح من المستحيل للشركات الصغيرة داخل البلد التغلب على تكاليف بدء العمل».
يمكن أن تكون هذه المناسبة متزامنة مع تشكيل المجلس النيابي الجديد، ومدى إمكانية وجدية النواب في مكافحة الفساد، حيث دائماً ما يرتبط حجم الفساد بمستوى الأداء النيابي، ومحاسبة المتورطين بقضايا أزكمت أنوفنا منذ أول تقرير لديوان الرقابة المالية والإدارية في البحرين. هذا ومازالت المحاسبة غائبة عن المفسدين في التقرير الأخير!
لم نكتب هنا عن شيء يخص الوطن، أكثر مما كتبنا عن التقارير الخاصة بديوان الرقابة المالية والإدارية، وفي كل مرة نطرح مجموعة من التساؤلات والاستفهامات الكبيرة، وفي كل مرة لا نجد الإجابة عليها، وكأن الفساد حالة شبحيّة أو هلاميّة، أما المفسدون، فإنهم «فص ملح وذاب»، ولهذا فإن الحديث عن الفساد، أصبح يؤلمنا أكثر مما ينشط عند الجهات الرقابية «نخوة» المحاسبة.
10 تقارير مفصلة صدرت حتى الآن من طرف ديوان الرقابة المالية والإدارية تتكلم بالأرقام عن حجم الفساد في مؤسساتنا الرسمية، ولم نجد ما يمكن أن يقنعنا بصمت الجهات الرقابية في محاسبة الجهات المفسدة على الرغم من امتلائها بالوثائق والحقائق، وحين خاطبنا النواب السابقين قبل أقل من عام حول قضايا الفساد الحاصلة وما احتوته تقارير الديوان، لم نجد سوى رجع الصدى!
اليوم، هنالك فرصة ذهبية لدى النواب بالتمسك والإصرار على محاسبة المتورطين في قضايا الفساد الواضحة، وفي كل ما ورد في التقارير الـ 10، والتي باتت كفيلة «بتطيير» رؤوس كثيرة فاسدة، أما في حال ماطل النواب الجدد في محاسبة المفسدين، فإننا أمام تكرار جديد للنسخة السابقة من «نواب العازة» مما يعني أن كل التقارير الرقابية القادمة ستتعطل أو سوف توضع على الرفوف أو داخل أدراج مجلس النواب، كما هو الحال في الدورات السابقة.
بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد نتمنى أن نعيش في وطن يخلو من هذا النوع الخطير من السلوك، والذي يعتبر المقوض الرئيس لكل دعائم الديمقراطية والحرية والعدالة، وهذا الفساد لن ينتهي إلا من خلال المحاسبة وليس المجاملة، فصوتنا بح والفساد مازال يسري في عروق المفسدين، فهل من مخلص يخلص الوطن من هذا الفساد في يومه العالمي؟ أم سنظل كما هي كل مرة، نشجب ونستنكر ونصرخ ولا من مجيب؟