لا يختلف اثنان على أن سباق «تحدي البحرين للترايثلون» الذي جرى السبت الماضي تسبب في إزعاج وأذى الكثيرين، ما دفع إلى توجيه الانتقادات القاسية له وللتنظيم والتعبير عن حالة من الغضب لم تكن متوقعة، كما لا يختلف اثنان على أن هناك أخطاء حدثت وأدت إلى ما أدت إليه من زحام وتعطيل لمصالح الناس بينته الصور التي تم التقاطها لمسافرين اضطروا إلى السير على أقدامهم ليصلوا إلى المطار في الوقت المناسب، ولرحلات تأخرت بسبب تأخرهم، ولسيارات تتصارع على الإفلات من الزحام أطلق سائقوها العنان لأبواقها، بينما انتقد البعض ما جرى بطريقته؛ فنشر فيديوهات قصيرة تضمنت مشاهد ساخرة قام بتمثيلها بعض المواطنين تعبيراً عن الأمر نفسه، كما تم تداول الأخبار التي تحكي معاناة المرضى والأطباء والموظفين وأصحاب المحلات التجارية وغيرهم بسبب تعطل الشوارع.
أحد القراء أرسل لي «واتساب» في نفس يوم السباق تحدى فيها أن «يتجرأ» أحد من الكتاب الصحافيين الكتابة في هذا الموضوع وانتقاد ما حدث، فأرسلت له على الفور مقالاً نشر على بعض المواقع الإلكترونية لأحد الزملاء ينتقد فيه ما جرى بشدة وبشكل صريح ومباشر، وبياناً أصدرته جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان انتقدت فيه بشدة أيضاً ما جرى، ودعت إلى «ضرورة الموازنة بين الحقوق والواجبات حتى لا يختل الميزان وينشأ التفرد بالقرارات وتضيع الحقوق»، ولفتت إلى أن «حقوق البشر يجب أن تحترم وأن تتقدم على أي أمور أخرى مثل هذا السباق الذي قطع شرايين الدولة، وعلى الحكومة أن تضع مصالح وحقوق الشعب فوق أي اعتبارات أخرى».
ليس صحيحاً أبداً الاعتقاد بأن الصحف وصحافييها وكتابها لا يستطيعون توجيه النقد للدولة أو للمسؤولين، فليس هذا من الأمور الممنوعة قانوناً، بل العكس هو الصحيح، فالقيادة الرشيدة تردد باستمرار وتدعو الكتاب الصحافيين والصحف إلى توجيه النقد وبيان أي أخطاء يرونها كي يتم تصحيحها وتداركها في المرات المقبلة. من هنا لوحظ عدم تردد العديد منهم عن توجيه الانتقادات في التو والحال عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل والتنبيه إلى ما يحدث من أخطاء.
سبق للبحرين أن نظمت العديد من السباقات في الطرقات والشوارع العامة ونجحت وتميزت، ومثل هذا السباق وغيره تنظمه الكثير من دول العالم وتنجح، هذا يعني باختصار أن ما حدث من تعطيل للحياة في يوم السبت سببه الأول والأخير هو الإعداد والتنظيم. المنظمون أخفقوا في تقديراتهم لذلك حدث ما حدث. بالتأكيد كان متوقعاً أن يحدث بعض الارتباك في إيقاع ذلك اليوم فهذا أمر طبيعي ويحدث في مثل هذه السباقات التي تتطلب احتجاز شوارع أو مسارات معينة منها وتتطلب فريقاً كبيراً من المنظمين، ولعل السبب -إضافة إلى مشكلات التنظيم- يعود إلى صغر المساحة التي يجري فيها السباق وإلى التقصير في تهيئة الجمهور التهيئة الكافية قبل السباق ليستعدوا للأمر ويعيدوا تنظيم حياتهم في ذلك اليوم فلا يتأثروا بما يجري.
كان لافتاً وجميلاً من سمو الشيخ ناصر بن حمد الذي ارتبط السباق باسمه طلب «السموحة» من المواطنين والمقيمين حيث عبر لحظة وصوله إلى خط نهاية السباق عن عدم ارتياحه من التعطل الذي حصل لهم، وشكرهم على صبرهم وتشجيعهم، وعبر عن تقديره لمشاعرهم وتأكيده احترامه للجميع.
نحن إذاً أمام فعالية حدثت فيها أخطاء لا يمكن لأحد أن يخفيها أو يتجاوز عنها، ومن دون شك سيستفيد منها منظمو السباق ويتداركوها في المرات التالية، لكن مهم أيضاً تبيين الإيجابيات والمنافع، فكما إن من الواجب التنبيه إلى أخطاء التنظيم وحصرها والتأكيد على مصلحة المواطنين والمقيمين، فإن من الواجب أيضاً أن ننظر في صفحة إيجابيات هذا السباق.