الذي يجب أن يحاسب الآن بعد مقتل رجل الأمن ومقتل مواطن من كرزكان ليس الوفاق، بالنسبة لهذه المجموعة الإرهابية انتهى وقت الكلام معها، كلامنا الآن مع الدولة.
من يجب أن يحاسب الآن هو تخاذل «الدولة» بقانونها بأجهزتها الرسمية وإبقائها على مجموعة تنصلت من السلمية علناً وعلى الهواء مباشرة وأمام مرأى ومسمع العالم لاعتبارات سياسية، وتركها تعيث في الأرض فساداً لاعتبارات سياسية محضة والأدهى أن حتى هذه اعتبارات السياسية انتهى أثرها ومفعولها ولم تعد موجودة أصلاً.
بعد مقتل اثنين خلال أربع وعشرين ساعة القرار الآن بيد صاحب القرار، إما إنفاذ القانون وإما تبقى البحرين تحت رحمة هذه الفوضى، إما أن تتخذ الدولة قراراً تأخر أربع سنوات، قراراً يحفظ أمن واستقرار الدولة، وإما الاستسلام للإرهاب والفوضى.
الشعب كله متصالح مع بعضه عن أي دعوة مصالح تتحدث السفارة الأمريكية، ونتصالح مع من؟ نحن نتعامل الآن مع مجموعة أعلنت أنها ستجنح للإرهاب، وكل بيانات النفي والتبرؤ من حادثة مقتل رجل الأمن والمسن البحريني لا تخرج الوفاق من دائرة الاتهام والمسؤولية، فبعد تصريح علي سلمان في قناة الميادين الذي أقر فيه «بعدم ضمان السلمية» يتحمل الرجل مسؤولية هذا العمل الإرهابي، حتى التخريجات القانونية التي قد يبحث عنها محامو الشيطان لن تنجيه من المسؤولية الأخلاقية (إن بقي منها ما بقي)، كل التخريجات القانونية والأخلاقية والسياسية لا يمكنها أن تقطع حبل الوصل بين ذلك التصريح وبين مقتل الاثنين.
لم يعد الشعــب البحرينــي يتحــدث الآن - وبعــد ذلك التصريح والاستجابة التي لحقته بهذا العمل الإجرامــي- مــع «حــزب سياســي» حتى نناقشــه ونتجادل مع حججه السياسية حجة بحجة ومقارعة بمقارعة أو نتصالح معه، ما بقي لمجموعة الوفاق بعد قرارها بعدم الدخول في الانتخابات وبعد ذلك التصريح غير فوضى الشارع وعدم انضباطه والتصعيد الذي لا يمكنها التحكم فيه، جفت الأقلام وطويت الصحف بعد تصريحه وبعد مقتل رجل الأمن، لم يعد الآن دور القلم ودور الإعلام، إنه دور الدولة ودور القرار، حين يصرح رئيس حزب سياسي أنه لا يضمن السلمية ويقتل رجل أمن بعدها ستخترق الفوضى بعد ذلك المجال الجوي الإرهابي عاجلاً أم آجلاً وها هـي قد اخترقته وبسرعة كما هو متوقع، فلا تستطيع مجموعة الوفاق الآن أن تضع خطاً فاصلاً بينها وبين الإرهاب، لا تستطيع ببيانات جوفاء أن تصمد أمام دماء سالت على الإسفلت، هي الآن جنباً إلى جنب مع واضع تلك المتفجرات في الشارع بكل فوضاه وعنفه وتخبطه، جنباً إلى جنب تسير مع قيادي الإرهاب وحاملي المتفجرات وصانعيه، وبيانات النفي والتبرؤ لا يمكنها أن تكون خطاً فاصلاً بينها وبينه.
نحن أمام مجموعة تصرح بعدم ضمانها السلمية ومع ذلك تظللها الدولة بالترخيص القانوني الذي لولاه لما ضمن لها ملعباً سياسياً دستورياً مباحاً ومشاعاً وبلا بوابة كي تدخله وقتما تشاء وتخرج منه وقتما تشاء باستهانة ليس لها مثيل في أي شرعة دستورية.