بحسب علم البعض أو الأقلية في عالمنا العربي أن 3 ديسمبر هو اليوم العالمي للمعاق أو الأشخاص ذوي الإعاقة، هذا اليوم أقرته الأمم المتحدة إيماناً منها أن الحقوق الإنسانية يجب ألا تتجزأ بين إنسان سوي الجسد والعقل وإنسان آخر خصه الله عز وجل ببعض النواقص التي تعيق في حصوله على عيشة وحياة مريحة كالأسوياء، وعادة عندما يتم إعلان أو تحديد يوم دولي لمناسبة ما، يكون الهدف منها وبطريقة غير مباشرة نشر الوعي وذلك من خلال استخدام وسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، والآن الإعلام الاجتماعي بمجمل تعدداته مع إلقاء الضوء على أهمية هذا الأمر أو ذاك، مثلاً كاليوم العالمي للسلام واليوم العالمي للمتطوعين وغيرهم الكثير.
ولكن لو تأملنا في المشهد عن قرب، فيجب ألا يكون الاهتمام بالتكلم ورفع الصوت والمطالبة بحقوق المعاق فقط، بل لا بد من العمل على تحقيق المبادئ التي من أجلها تم تخصيص هذا اليوم وكل يوم، وليس فقط بأن يكون الأمر نشراً لإعلانات مدوية وفعاليات مؤقتة وأخبار مفبركة لا تمت للواقع بصلة إلا عن الهامش، فقط لزيادة أرصدة المؤيدين والحصول على رضا المسؤولين، بحيث أن كل أمر يزول مع انتهاء اليوم أو الأسبوع. فالحقوق لا تتجزأ.
ولله الحمد فإن مملكة البحرين تتمتع بوعي ملموس بداية من الوالد والأب الحنون جلالة الملك المفدى، بإصداره مجموعة من المراسيم والتشريعات التي تمنح الأهل أو ولي الأمر الذي يتحمل الاعتناء بشخص ذي إعاقة كبيراً كان أو صغيراً ساعتين إجازة مدفوعتين الأجر وسيتم تنفيذ القرار من بداية العام 2015، فهذا الملك الحكيم نظر للأمر من ناحية إنسانية بحتة آخذاً بعين الاعتبار المعاناة النفسية والضيق الذي لا يلقى له مثيل الأهل الذين يقومون بالاعتناء بأحد أفراد الأسرة من ذوي الإعاقة وهو مكتوف اليدين لا يدري ماذا يقدم أو ماذا يفعل لكي يرى ابتسامة من القلب خاصة في ظل مجتمع إسلامي ولكن يفتقر وبشدة إلى الوعي الفكري والثقافي في كيفية التعامل مع هذا النوع من الحالات المرضية وتكون نظرته لا تتعدى نظرات الشفقة والمسكنة إلا من رحم ربي.
لذا فقد لفتني وأنا أراقب الوضع عن بعد وبصمت وترقب، موقف وردة فعل البعض من المسؤولين وتحفظهم على هذا القرار وأن من شأنه أن يشل الحركة العملية في بعضٍ من وزارات ومؤسسات الدولة علماً أن مؤشر القياس الحقيقي للإنتاجية لا يجب أن يحتسب بعدد الساعات التي يقضيها الموظف وراء مكتبه وإنما بما تم إنجازه حقيقة ضمن الفترة الزمنية المحددة.
إن تمكنا من عزل فرد من أفراد الأسرة الواحدة عن ذويه حينها يمكننا أن نفصل هذه الفئة عن المجتمع. لذا فإن الأمر لا يتطلب الكثير من المزايدات وإنما هذا أمر مشروع مادمنا نعد أنفسنا أناساً متحضرين فكراً وثقافة.
فتحية إكبار وإجلال لكل أهل يعملون على تربية ابن معاق ضمن أسرتهم ويقدمون له الحب ثم الحب ثم الحب أولا والعناية التي تليق به وتهدف إلى تطوير قدراته وأيضا لا يمكننا أن ننسى الأخصائيين الذين يعملون في مجال التدريب والتأهيل والذين يعتبر عملهم من أسمى الأعمال ولهذه اللحظة لا يزالون محافظين على الجانب الإنساني في عملهم ولم يتحول بعد إلى مسألة تجارية بتصرف كالذين يكثر عددهم يوماً بعد يوم للأسف.
فالحقوق لا تتجزأ.. ولنتفكر أن الجمرة لا تحرق إلا مكانها.