وضع الدستور البحريني وتعديلاته 2012 بيد أعضاء البرلمان أدوات دستورية لتفعيلها بما يحقق المصلحة العامة، من مقترحات برغبة لتشريعات عصرية تواكب التطور المضطرد للبحرين، وقوانين تنظم الحقوق والواجبات، وتضمن تحقيق العدالة الاجتماعية، فله أن يقدم طلبات الإحاطة للوزراء والأسئلة ويستجوبهم، وله أن يقدم بصفة عاجلة كل ما يتعلق بأي تقصير في قطاع ما، وله محاسبة وزراء الحكومة في الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى طرح الثقة في الوزير المستجوب، بجانب حقه الأصيل في اقتراح القوانين والمناقشة والتصويت على القوانين المحالة من الحكومة وإقرار الموازنة العامة، ويتابع صرف الموازنة ويراقب النفقات والإيرادات في أعمال السلطة التنفيذية وفقاً لأحكام القانون واحترام نصوصه وروحه.
السؤال البرلماني كأداة رقابية مهمة نشأت أول مرة في البرلمان البريطاني ومنها انتقلت إلى فرنسا ثم إلى العديد من البلدان ذات البرلمانات الديمقراطية العريقة، وهي الأداة السادسة في نظامنا البرلماني. وتعني التساؤل الذي يتضمن لفت النظر أو التوجيه غير المباشر لعمل شيء أو تلافي ثغرة معينة أو قصور في الأداء، وبمعناه الاستفهامي أو الإيضاحي «طلب توضيح أمر غامض، أو تزويد مقدم السؤال ببيانات معينة غير متوفرة لديه»، كما يعرف البعض السؤال البرلماني بأنه «حق يمكن الأعضاء في البرلمان من معرفة أمور يجهلونها، أو لفت نظر الحكومة إلى موضوع معين، وهو يمثل علاقة مباشرة بين السائل والمسؤول».
في التعديلات الدستورية 2012 مادة (91) الفقرة الأولى نصت على أنه «لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يوجه إلى الوزراء أسئلة مكتوبة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم، وللسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة، فإن أضاف الوزير جديداً تجدد حق العضو في التعقيب، ولا يحول ذلك دون إمكانية تقديم عدد من الأعضاء لعدد من الأسئلة تكون بينها وحدة في الموضوع»، وطبقاً للتقاليد البرلمانية تدرج الأسئلة المتماثلة في موضوعها في جدول أعمال المجلس ليجيب عليها الوزير المختص مرة واحدة، وتنشر الأسئلة المنصوص عليها في البنود السابقة والإجابة الكتابية عنها بملحق خاص لمضبطة المجلس، ولرئيس مجلس النواب حفظ السؤال، إن كان غير مستوف للشروط الواجب توافرها مع إبلاغ ذلك للعضو الذي له الحق حينئذ في الاعتراض على الحفظ خلال أسبوع، مخطراً بذلك رئيس المجلس الذي يعرض هذا الاعتراض على اللجنة العامة للمجلس في أول جلسة مقبلة، وقد جرت العادة على أن يتولى مكتب المجلس عملية تنسيق الأسئلة، وتجميع تلك التي تدخل في اختصاص وزارة واحدة تمهيداً لإدراجها في جدول أعمال جلسات المجلس، ويدرج السؤال الذي تكون الإجابة عنه شفاهة أو كتابة في جدول أعمال الجلسات.
الأداة الدستورية رقم (7) الاستجوابات؛ يمثل الاستجواب أهم مظاهر رقابة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، ومن أهم الأدوات التي يمارس بها البرلمان البحريني مهمته الرقابية على أعمال الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم، إذ إنه يحمل في طياته معنى الاتهام والمحاسبة لأعمالها، وقد يؤدي إلى طرح الثقة بأحد أعضاء الحكومة، وهو ما يعرف بالمسؤولية الوزارية السياسية، ويعتبر الاستجواب أخطر وسيلة أعطاها النظام البرلماني للسلطة التشريعية لتراقب بها السلطة التنفيذية. ويعد من أخطرها مضموناً وأثراً إذ إنه يمثل مساءلة ومحاسبة للحكومة عن أخطاء ارتكبت، فإذا ما ثبتت صحة هذه الأخطاء موضوع المساءلة فإن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تكون في الميزان؛ فإما أن يجرى سحب الثقة من الحكومة أو أن يحل البرلمان، وهذا تقليد وعرف برلماني جرت عليه البرلمانات في العالم، والبحرين ليست استثناء في ذلك، لأنه يعني باختصار يستحيل التعاون مع السلطتين مما يعرض مصالح المواطنين للضرر.
والاستجواب ورد في الدستور الكويتي والقطري والجزائري والأردني، ووفقاً لما هو منصوص عليه في النظام الداخلي لمجلس النواب البحريني أنه «يجوز لكل عضو من أعضاء المجلس توجيه الأسئلة والاستجوابات إلى الحكومة أو إلى أحد الوزراء ومن في حكمهم...». ويحق لمقدمي الاستجواب، وللجنة المختصة طلب أية بيانات من الوزير تكون لازمة لاستجلاء حقيقة الأمر بالنسبة إلى موضوع الاستجواب، ويقدم هذا الطلب كتابة إلى رئيس المجلس قبل الجلسة المحددة لمناقشة الاستجواب بوقت كافٍ، وعلى الوزير تقديم البيانات المذكورة بعد توجيه الطلب من رئيس المجلس إليه، وقبل الموعد المحدد للمناقشة بثمان وأربعين ساعة على الأقل.
الأداة الثامنة: سحب الثقة من أحد الوزراء؛ بإمكان تقديم طلب سحب الثقة من أحد الوزراء كتابة إلى رئيس المجلس موقعاً عليه من عشرة أعضاء، ولا يجوز أن يقدم هذا الطلب إلا بعد انتهاء المجلس من مناقشة استجواب موجه إلى الوزير المعني بسحب الثقة منه.
الأداة التاسعة: عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء؛ بإمكان عشرة نواب تقديم طلب مسبب بعدم إمكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، عرض الطلب على المجلس فور تقديمه، وبعد موافقة أغلبية الأعضاء يحال الطلب -دون مناقشة- إلى مكتب المجلس لبحثه، ويخطر بذلك رئيس مجلس الوزراء، ويعد مكتب المجلس تقريراً بشأن بحثه طلب عدم إمكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وإحالته إلى المجلس خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ تقديمه، ويعرض الرئيس على المجلس طلب عدم إمكانية التعاون مع رئيس مجلس الوزراء فور انتهاء مكتب المجلس من إعداد التقرير بشأنه، ويسير الطلب للتصويت عليه، ويأذن الرئيس قبل إجراءات التصويت بالكلام في هذا الموضوع لاثنين من مقدمي الطلب بترتيب طلبهما، واثنين من معارضيه كذلك، ما لم ير المجلس الإذن بالكلام لعدد أكثر.
الأداة العاشرة: طلبات التحقيق؛ بإمكان خمسة نواب تقديم مقترح بتأليف لجنة للتحقيق أو أن يندب عضواً أو أكثر من أعضائه للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاصه، ويختار المجلس اللجنة أو العضو الذي يقوم بالتحقيق بناء على ترشيح رئيسه، مع مراعاة التخصص والخبرة في الموضوعات التي يجرى بشأنها التحقيق، وللقائمين بالتحقيق أن يتخذوا كافة الإجراءات اللازمة للحصول على البيانات والمعلومات، والأوراق المتعلقة بما أحيل إليهم من موضوعات، وعلى جميع الجهات المختصة أن تعاون القائمين بالتحقيق في أداء مهمتهم، وأن تقدم لهم الوسائل اللازمة لجمع ما يرونه من أدلة، وأن تمكنهم من أن يحصلوا على ما يحتاجون إليه من تقارير أو بيانات أو وثائق أو مستندات. ويعتبر حق تشكيل لجان مؤقتة لإجراء التحقيق البرلماني للكشف عن التجاوزات والأخطاء المرتكبة، إذا ما اعتقدت بوجود خلل من الناحية الإدارية أو المالية أو القانونية من قبل أعضاء السلطة التنفيذية.
وأخذت البحرين في تجربتها الديمقراطية النهجين العريقين الإنجليزي والفرنسي في تشكيل اللجان الدائمة، والمؤقتة حسب الضرورة، ولجان التحقيق البرلماني ليست أكثر من جهاز لجمع البيانات والمعلومات، وليس لها أن تتخذ قراراً ما بشأن الموضوع التي تحقق فيه، وتنحصر مهمتها في تقديم تقريرها إلى رئيس المجلس مشفوعاً بالنتائج، والاقتراحات، والتوصيات التي ترتئيها، لاتخاذ ما تراه مناسباً من الإجراءات اللازمة بعد إيضاح الأمور إليها من قبل هذه اللجان.
الأداة الحادية عشرة: مناقشة برنامج الحكومة؛ بإمكان النواب الراغبين بمناقشة برنامج الحكومة أن يتقدموا بطلب كتابي إلى رئيس المجلس، وفي حالة طلب الكلام للمناقشة يراعى تحديد الموضوعات محددة قبل بدء المناقشة.
الأداة الثانية عشرة: بيان الحكومة؛ بإمكان النواب الراغبين بمناقشة البيان، أو بطلب إحالته إلى إحدى لجان المجلس لمناقشته، وإبداء الرأي فيه.
الأداة الثالثة عشرة: طلبات المناقشة العامة؛ بإمكان خمسة نواب يتقدمون بطلب كنابي بطرح موضوع عام للمناقشة بقصد استيضاح سياسة الحكومة بشأنه، وتبادل الرأي بصدده، ويجب أن يكون الموضوع المطروح للمناقشة العامة متعلقاً بالشأن الداخلي، ومتصلاً بالمصلحة العامة.
الأداة الرابعة عشرة: الميزانيات العامة وحساباتها الختامية؛ تعتبر مرحلة اعتماد وإقرار الموازنة العامة، من أدق المراحل وأكثرها حساسية، وذلك لأن عملية اعتماد الموازنة أو المصادقة عليها تمثل المرحلة الأخيرة بعد مناقشتها والعمل على إخراجها إلى حيز التنفيذ، ومرحلة الاعتماد من اختصاص السلطة التشريعية، وتقع مسؤولية التحقق من سلامة البرامج، والسياسات الحكومية عن طريق اعتماد مشروع الميزانية ومتابعة تنفيذها للتأكد من حسن الأداء باستخدام أساليب الرقابة المالية، كما بإمكان تفعيل كل الأدوات الدستورية السالفة الذكر لمناقشة هذه المواضيع المهمة.
وبإمكان أعضاء اللجنتين المالية والاقتصادية وأعضائهما إضافةً إلى غيرهم من النواب الذي يرغب في مناقشة أو تقديم تعديل أو اقتراح أن يتقدم بطلب إلى رئيس المجلس، ويحق لهذه اللجنتين أن تطلب من وزير المالية كل البيانات والوثائق والشروح المتعلقة باعتماد الميزانية المقترحة، ولهما أيضاً أن تطلبا من وزير المالية، ومن كل وزير صاحب علاقة باعتمادات الميزانية أن يحضر جلساتها ويشارك في المناقشات الخاصة بميزانية وزارتهم لتبرير الاعتمادات المطلوبة، وتنتهي أعمال هذين اللجنتين بوضع تقرير تمهيدي تضمنه ملاحظاتهما واقتراحاتهما وتودعا هذا التقرير لدى مكتب رئيس المجلس النيابي الذي يبادر إلى طبعه وتوزيعه على النواب لتمكينهم من الاطلاع عليه ومناقشة مشروع الميزانية على أساسه.
الأداة الخامسة عشر: المراجعة والرقابة؛ كثير من النواب يعتقدون أن بعد مناقشة الميزانية العامة، وإقرارها تنتهي مهامهم، والعكس هو الصحيح فبعد انتهاء مرحلة المصادقة تبدأ المهمة الأساسية للنائب وهي مراجعة تنفيذ الميزانية والهدف هو التأكد من أن تنفيذ الميزانية قد تم على الوجه المحدد وفق السياسة التي وضعتها السلطة التنفيذية، وإجازتها من طرف السلطة التشريعية، وبناء على ذلك فإن الهدف الأساسي من الرقابة على الميزانية هو ضمان تحقيقها لأقصى قدر من المنافع للمجتمع في حدود السياسات العامة للدولة، وتأخذ الرقابة على تنفيذ الميزانية عدة صور مختلفة وهي الرقابة الإدارية، والرقابة التشريعية، وإن النفقات والإيرادات قد تمت على النحو الصادر به لدى السلطة التشريعية طبقاً للقواعد المالية المقررة للدولة.