لدينا مجلس نيابي جديد سيباشر عمله هذا الأسبوع، وتركيبة المجلس تضم 30 نائباً جديداً، وصلوا بعد انتخابات قراءتها تفيد بأن وعي الناخب زاد عن الوعي الذي كان موجوداً في الانتخابات الأولى عام 2002، ما يعني أن من وصلوا اختارهم الناس بعد تمحيص وتدقيق في جوانب عديدة، منها الشخصية والسمعة والبرنامج الانتخابي وغيره، هكذا نفترض.
لدينا تباين كبير في آراء الناس، منهم - وهم كثر- من يقول بما معناه ما الفارق الذي سيحصل في البرلمان، وما الذي يمكن للنواب الجدد فعله؟! بالتالي النتيجة ستكون واحدة! لكن هناك فريق آخر يقول بما معناه ما المانع إن منحنا النواب الجدد فرصة ليبرهنوا على أنهم أفضل اختيار من سابقيهم، ولربما كان أداء النواب الثلاثين الجدد يفرض واقعاً على النواب العشرة السابقين بحيث يكون الأداء مغايراً وأكثر فائدة للوطن والمواطن؟!
هل نمنح البرلمان الجديد فرصة؟! هذا سؤال مهم يطرح هنا بشكل متكرر، والإجابة لدى الناخب نفسه، لكن استقراء الحالة الانتخابية والمشاركة الكبيرة بنسبة وصلت إلى 56.2% رغم تهديدات لعملية «فاشلة بامتياز» لتصفير الصناديق من قبل كارهي الوطن، يفيد - هذا الاستقراء- بأن مزاج الناس العام يميل لمنح النواب فرصة جديدة، وإلا لما كانت المشاركة بهذا الحجم، مع الوضع في الاعتبار أن كثيرين أرجعوا مشاركتهم كسبب رئيس برغبة الوقوف مع البحرين ومساندة وطنهم أمام أي استهداف، خاصة حينما يعلو صوت حاقد وكاره وانقلابي بتحد سافر بأنه سيفشل هذه الانتخابات.
هل نمنحهم فرصة؟! أظن بأن الأمر واقع الآن وأن الأعوام الأربعة القادمة ستكشف مدى الاختلاف ونسبة التغيير نحو الأفضل، ولن نتشاءم ونقول إلى الأسوأ.
لكنها جملة ملاحظات نوردها هنا للسادة النواب الذين نتمنى لهم التوفيق والنجاح في حمل أمانة إيصال صوت الناس وحل قضاياهم، في إطار المساعي لتقوية التجربة البرلمانية وتعزيز ثقة الناس بها.
المجلس الأسبوعي مهم تفعيله لدى كل نائب، وهذه فكرة طرحناها سابقاً، وأثرها سيكون إيجابياً حتى على صورة النائب والأهم على رأي الناخبين الذين سمعنا كثيراً منهم يعبر عن استيائه «المبرر» من أداء النواب السابقين، باعتبار أن «حبل الوصل» مقطوع منذ وصول النائب للكرسي، لدى كثيرين وبعض منهم لم ينسوا الناس أقلها.
هذا المجلس يجب أن يفتح لأهالي الدائرة، يطلع فيها النائب الناس على ما دار في المجلس طوال أسبوع كامل، سواء في الجلسة التي تبث منها أجزاء بسيطة في الإعلام الرسمي أو تنقل الصحافة أجزاء عنها، أو خلال اجتماعات اللجان شبه اليومية. يجب أن يعرف الناس ماذا يفعل نائبهم وماذا يحصل في برلمانهم. كذلك من الذكاء والحصافة أن يشرك النائب ناخبي دائرته في تحديد أولويات المشاريع والمقترحات التي يجب أن يطرحها، إذ بناء على ما يطالبون به يبني تحركه داخل المجلس، ويقدم المقترحات ويتخذ المواقف. هنا لو ربط كل نائب مواقفه وتحركاته بما يريده الناس ويتشاركون معه الرأي فيه أو يتناقشون معه بشأنه، هنا من الصعب أن نجد استياء من قبل الناخبين على أداء النائب، إذ الجميع في الدائرة ناخبين ونائب سيكونون مشاركين في المواقف والمقترحات والأفعال.
هل نمنحهم فرصة؟! نعم امنحوهم فرصة، لعل وعسى أن يكون الأداء القادم أفضل مما سبقه. لابد هناك من نقطة بداية، ولعلها تكون هذه المرة، والتجارب يفترض أن تعلم الإنسان بألا يقع في ذات الأخطاء.
اتجاه معاكس:
نواب جدد وجهوا كلامهم لنا كصحافة وأصحاب رأي في أحد المجالس، بأن على كتاب الأعمدة مسؤولية التوضيح للناخب بأن النائب هو نائب تشريع وليس نائب خدمات.
ردي كان مختصراً ومباشراً، إذ المشكلة تكمن في المترشحين وقت الدعاية الانتخابية، إذ أغلب الشعارات كلها تتحدث عن الخدمات (رواتب، إسكان، تقاعد .. الخ) وبالتالي فالنواب الواصلون كثير منهم استخدم شعارات خدمية، وعليه فمن الخطأ أن يتخلى عنها وهي التي أعطته أصوات الناس ويقول للناس أن نائب تشريع فقط.
وعليه فإن توضيح ذلك يكون من خلال تعزيز التشريعات التي ترتقي بالخدمات، هنا يكون النائب بالفعل مشرعاً، لكن تشريعه يطور الخدمات التي وعد الناس بأنه سيحسنها أو يطورها أو يفعلها لهم.
يا نواب، تغيير الكلام، وانحراف العمل عن الشعارات التي أطلقت وقت الدعاية الانتخابية، هي السقطة التي وقع فيها كثير من النواب السابقين، وهو السبب الذي جعل كثيراً من الناس يقولون بأن النواب «لم يقدموا لنا شيئاً».