هذا هو السؤال الذي لا يحصل على إجابة وافية؛ ماذا بعد إدانة الجميع للتفجيرين اللذين حصلا في قريتي دمستان وكرزكان؟ السفارة الأمريكية أدانت وعبرت عن أسفها، والسفارة البريطانية فعلت الشيء نفسه، ومثلهما فعلت السفيرة الألمانية وآخرون من السفراء المعتمدين لدى المملكة، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي، وجاراهم في ذلك نواب المجلس الجديد ومجلس الشورى وكل من وجد أن من «الواجب» أو «الذوق» أن يدين أو يستنكر أو يشجب ما حدث، لكن ما هي النتيجة؟
لا بأس أن يعبر كل هؤلاء وغيرهم عن أسفهم لما حدث ويؤكدوا رفضهم للممارسات العنفية، بل جميل أن يصدر عنهم مثل هذا التعاطف وهذا الموقف، لكن كل هذا لا يعدو كلاماً قيل بلسان، واللسان كما نقول باللهجة الشعبية «ما فيه عظم»، لهذا لن يدهش أهل البحرين لو أن تلك الدول، وعلى الخصوص الولايات المتحدة وبريطانيا، استقبلت بعد قليل من يحلو لها استقبالهم من «المعارضة»، رغم أنها المتهمة الأولى في هذه الحوادث، ولن يستغرب أهل البحرين لو سمع تصريحات من مسؤولين بهذه الدول تدعو الحكومة إلى الاستجابة إلى مطالب «المعارضة» وربما تتهمها -الحكومة- بما يطيب لها من اتهامات تتسبب في إيجاد حالة فرح لدى المتهم في تلك الممارسات المرفوضة والمدانة.
لسنا في حاجة إلى الإدانة، وإنما إلى الموقف العملي من هذا الذي يحدث، حيث الاكتفاء بالإدانة والشجب والاستنكار والتصريح بما يطيب الخواطر نتيجته المنطقية هي تكرار تلك الحوادث البشعة والدخيلة على مجتمع البحرين المسالم. وإذا كان من الصعب فرض مثل هذا التوجه على تلك الدول باعتبار أن لكل منها مصالح تسعى لتحقيقها ولا تريد أن تقطع خيوطها مع «المعارضة» لسبب أو لآخر، فإن ما ينبغي ألا يكون صعباً هو ترجمة النواب والشوريين إداناتهم وكلامهم إلى واقع عبر إصدار التشريعات التي تحمي المجتمع وتحفظ الوطن من كل هذا العبث الذي يحدث ويتكرر ولا يجد غير الإدانة والشجب والاستنكار والكلمات المعبرة عن الأسف والأمنيات بأن يحفظ الله البحرين من كل سوء.
ماذا يفيد البحرين قول هذا النائب أو ذاك «إن هذه الأعمال الإرهابية تستهدف المجتمع البحريني بالكامل وتهدد حياة المواطنين والمقيمين ولا بد من الوقوف ضد المتسببين بكل قوة وحزم»؟ وماذا يفيد قولهم «نحن نعيش في مجتمع متسامح ومتحاب وهذه الأفعال دخيلة على مجتمعنا»؟ ماذا يفيد البحرين هذا الكلام الذي يتكرر من النواب والشوريين ومختلف المسؤولين بالدولة كلما تكررت هذه الحوادث البشعة؟
كل هذا «مأكول خيره»، فليس هو المطلوب. المطلوب هو التشريع وإصدار القوانين التي تجعل العازمين على التخريب ونشر الفوضى والاعتداء على الوطن والمواطنين يفكرون ألف مرة قبل أن يقرروا المغامرة، وكذا يفعل من وراءهم في الداخل أو الخارج.
المطلوب هو تشريع القوانين التي تحمي المجتمع والوطن ولا تترك فرصة للتسامح مع المخربين أياً كانوا وأياً كان الذي يقف وراءهم ويدعمهم.
لولا أن المملكة العربية السعودية غلظت العقوبات ضد مهربي المخدرات والمتاجرين بها وصارت تنفذها أمام الملأ لما أمكن محاصرة هذه الجريمة وفاعليها ولانتشرت هذه الآفة بصورة أكبر في مختلف دول التعاون وصعب الحد منها، ولولا أن دولة الإمارات العربية المتحدة غلظت العقوبات على من ينتمي إلى المنظمات التي أدرجتها في قائمة المنظمات الإرهابية لما أمكن التحكم في هذا الملف، ولولا أن دولة الكويت شرعت القوانين التي تمنع خروج المقيمين في مظاهرات مؤيدة أو رافضة ونفذت تلك القوانين فطردت من يخالفها لما أمكن التحكم في هذا الأمر. وهكذا مع ملفات أخرى في دول التعاون الأخرى.
هل الرسالة وصلت؟