منذ زمن وأمريكا والغرب يعتبران المنطقة العربية حقل تجارب، حتى الاستراتيجيات تجرب على الدول العربية أولا.كانت استراتيجية أمريكا عندما احتلت العراق عام 2003 تقضي بحل الجيش العراقي والمؤسسة الأمنية بالكامل وبناء جيش جديد يعمل لصالحها، يومها استثمرت إيران وأحزابها العاملة في العراق هذا المشهد وأدخلت ميليشياتها ليصبح الجيش الجديد مؤلفاً منها وحققت من خلاله أعمالاً كثيرة، حتى وصلنا إلى العاشر من يونيو الماضي، وهو التاريخ الذي انهار فيه ذلك الجيش وهرب من الموصل حتى وصل حدود بغداد لتظهر بعد ذلك الفضائح وقصص الفساد داخل المؤسسة العسكرية الحديثة، ورغم أن استراتيجية حل الجيش العراقي وتشكيل جيش جديد كانت فاشلة حتى قبل هذا الانهيار باعتراف منفذها «بول بريمر» الذي أقر بهذا الخطأ.تعيد أمريكا -المخرج لفيلم الشرق الأوسط- المشهد من جديد لتقول «كلاكيت ثاني مرة»، فقد كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة هي إنشاء جيش عراقي جديد أكثر طواعية من خلال تدريب مجموعات صغيرة تصل إلى تسع ألوية لا تزيد عناصر اللواء الواحد عن 45 ألف جندي، بدل العمل على إعادة بناء الجيش برمته، لأن الفساد نخره بالكامل، كما ذكرت الصحيفة.وكل من تابع أحداث العراق منذ غزوه يعلم أنها الاستراتيجية نفسها التي اتبعتها أمريكا لبناء الجيش الفاسد بعد الاحتلال، فقد بدأت بتدريب ألوية صغيرة حتى وصل إلى مئات الآلاف، ليعترف العبادي بعدها بوجود 50 ألف عنصر منهم «فضائيين» أي يتقاضون رواتب دون وجود حقيقي لهم، هذا الجيش العراقي المهزوم كلف ميزانية العراق 8 مليار دولار، معظمها دخل في حسابات المسؤولين والقادة، علماً أن السياسيين الجدد ومنهم العبادي يعلمون ذلك منذ البداية وهم شركاء فيه، فكشفهم للفساد ليس إنجازاً أو سبقاً في موضوع معالجة الفساد الذي أهم أركانه هؤلاء المسؤولون، فما الذي سيغيره العبادي؟ ألم يأت مع الاحتلال؟ أليس هو من حزب الدعوة وكان من قيادات حزب المالكي؟ ألم يكن الفساد في هذا الجيش أمام عينيه؟أما استراتيجية أمريكا الجديدة، فهي ليست جديدة إنما هو المشهد نفسه يعاد تمثيله من جديد، وما سيحصل ما هو إلا تدريب ما تبقى من مرتزقة الميليشيات لقتل ما تبقى من العراقيين، وها هي إيران تقفز مرة أخرى إلى المشهد المعاد تمثيله، فقد صرح العبادي قبل أيام أن الحرس الوطني الجديد ستكون نواته من ميليشيا الحشد الشعبي «الشيعي»، الذي تشكل بأمر من إيران من خلال فتوى السيستاني الإيراني الأصل والجنسية، ولو كانت أمريكا جادة في إيجاد استراتيجية للحل لهيأت الأسباب أمام إعادة تشكيل ما تبقى من الجيش العراقي المهني بدل الاعتماد على الميليشيات الحزبية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90