هناك مؤشران أساسيان عند النظر لتراجع جمعية المنبر الوطني الإسلامي في انتخابات 2014، أحدهما داخلي والآخر خارجي، يرتبط الأول بفشل الجمعيات السياسية خلال الفصل التشريعي السابق، فيما يتعلق الآخر بإخفاقات الإخوان المسلمين على المستوى الإقليمي.
لا بد من أخذ متغير الوضع الإقليمي لجماعة الإخوان المسلمين في الاعتبار عند النظر لتراجع مؤشرات جمعية المنبر الوطني الإسلامي في بورصة انتخابات 2014، فقد أخفق أخوان مصر في أخذ العبرة والتأسي من تجربتي حكم الإسلاميين في السودان وتركيا، إذ عبرت الأولى عن فشل الحركة الإسلامية في التحول من عقلية الجماعة إلى عقلية الدولة، فيما قدمت التجربة الثانية أنموذجاً ناجحاً في التحول، ومحاولة الموازنة بين مساعي الجماعة ومتطلبات الدولة وإدارتها، إضافة إلى أن فقدانهم للتجربة في مجال الحكم وحساسيتهم من الرأي المختلف دفعهم لتمكين جماعتهم في الدولة (ذات التمكين الذي انتهجته الحركة الإسلامية في السودان)، وإبعاد الآخرين المختلفين عنهم استعجالاً للسيطرة على كافة مفاصل الدولة، فخسروا فوزهم الذي نالوه ديمقراطياً عبر صناديق الاقتراع، وإذا كانت العبرة بالنهايات فالفوز ليس عبرة إلا لمن اعتبر.
فشل الجماعة المصرية تزامن مع تخوفات دول إقليمية من مآلات حكم الإسلاميين في مصر باستلهام التجارب الفاشلة الأمر الذي سيدفع بجماعات هذه الدول محاولة التشبه بالجماعة الأم رغم أحاديث انفصال الفروع عن الأصل، ورغم اختلاف البيئات والمصالح بين جماعات هذه الدول والجماعة المصرية.
إضافة إلى أن هذا الفشل ترافق مع ضغوط الدول الكبرى تجاه الإسلاميين، خاصة في ظل فشل الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، في قراءة التحولات الديمقراطية في البلدان العربية، والتعامل وفقاً لنظرية «المحاربة والمقاربة» لجماعة دون أخرى، فيما كان الاختبار الأقوى للجماعات الفرعية ودولها، وضع الجماعة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، إذ حذت الإمارات العربية المتحدة في ذلك حذو مصر.
هذه المؤشرات تركت تأثيراتها على البيئة المحلية في البحرين، الأمر الذي نتج عنه إحجام الناخبين في التصويت لمترشحي جمعية المنبر الإسلامي، في ظل انطباع عام عن فشل الجمعيات السياسية خلال الفصل التشريعي السابق، إذ أدى هذا الفشل لتراجع كافة الجمعيات ما شكل أكبر هزيمة سياسية تتعرض لها الجمعيات منذ عام 2002، فقد وصل 4 نواب فقط من الجمعيات للمجلس، اثنان من جمعية «الأصالة» هما عبدالحليم مراد وعلي المقلة، ومترشح واحد من «المنبر الإسلامي» هو محمد العمادي من أصل 6 بما فيهم المترشح هاشم المدني الذي طعن في ترشحه، ومترشح واحد أيضاً عن جمعية «الرابطة» هو علي العطيش صحيح أن خسارة مترشحي الجمعية بفارق ضئيل يؤكد تجذرها في المجتمع، لكن يقدم مؤشراً لسخط الناخبين على الجمعية الأمر الذي يستلزم إعادة تمتين علاقاتها وتعزيز تواصلها مع القواعد الجماهيرية بشكل مباشر ومستمر، ضمن خطوات تنظيم يجب أن تتبعها الجمعية خلال الفترة المقبلة، للنهوض من فترة إعسار تعيشها، خاصة أن للجمعية تاريخاً في العمل الوطني والسياسي البحريني لا يمكن تجاهله.
وربمـــا تستلزم خطوات التنظيم وضع استراتيجية ورؤيـــة واضحة للعمل السياسي، تتضمن وضعها الوطني والعلاقة مع الجماعات الإقليمية، عبر إعادة قراءة أوضاع التنظيم إقليمياً، والأخذ في الاعتبار خصوصية التجربة البحرينية، إضافة إلى إعادة قراءة مآلات تحالفاتها المحلية، خاصة جمعية الأصالة الإسلامية، إذ دلت التجربة على فشل جمعية المنبر حال عدم تحالفها مع الجمعية الأخرى (مثلما حدث في انتخابات 2010)، ما يحتم محاولة موضعة هذا التحالف ضمن نطاق استراتيجي، مادام أن هناك شبه توافق في المنطلقات العامة لكلا الجمعيتين.