عدد من أعضاء جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي أصدروا بياناً عبروا فيه عن «استيائهم من عدم التزام الأمين العام للجمعية بالاتفاق الذي تم توقيعه في نوفمبر الماضي بعد التوافق على حل الخلافات السياسية والتنظيمية بين الأعضاء على إثر تعاطي الجمعية مع أحداث 2011». الأعضاء الموقعون على البيان أخذوا على قيادة جمعيتهم عدم التزامها ببيانها التوافقي، والذي أكد عدم مقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة واختار المشاركة المشروطة وعدم تخوين المشاركين والمقاطعين؛ إلا أن الأمين العام شارك في ندوة مقاطعة الانتخابات وفي المؤتمر الصحافي لـ«المعارضة» وأكد على موقف المقاطعة، الأمر الذي اعتبروه نكوصاً عما تم الاتفاق عليه ووضع الجمعية في موقف حرج بسبب تناقض الواقع مع ذلك البيان فيما يخص الانتخابات.
موقعو البيان عبروا عن استيائهم أيضاً من تصريحات أمينهم العام لصحيفة محلية ورأوا أنها أضرت بجهود حل الخلافات في الجمعية، وأكدوا أنه لا علاقة لهم بالمواقف التي اتخذتها قيادة المنبر وأنها تخالف ما جاء في الوثيقة التي أطلق عليها اسم «نحو توافق على رؤية سياسية وطنية للمنبر التقدمي للأزمة في البحرين وسبل الخروج منها»، والتي تعد جزءاً من الاتفاق التوافقي بين الأعضاء وقيادة الجمعية.
الخلاف الذي كشفه البيان الذي عبر فيه أعضاء المنبر عن استيائهم من مواقف قيادة جمعيتهم وأمينها العام أشار في إحدى فقراته إلى أن الوثيقة التي لم تلتزم قيادة الجمعية بها أكدت على أن «السياسة المستقلة للمنبر تعني عدم التبعية لأي قوى طائفية مثلما تعني عدم الارتماء في أحضان السلطة»، كما أشارت إلى أهمية «انفتاح المنبر على كافة مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية من موقف التكافؤ والاستقلالية وتجنب المواقف والتكتيكات التي تضعه في أي تخندق طائفي».
نقطة مهمة أخرى ركز عليها البيان بقوله «من يطالب بحكومة تمثل إرادة الشعب يجب أن يعمل على إزالة الانقسام الطائفي في المجتمع ويحقق توافقاً وطنياً على المطالب أولاً.. لأنه في الوضع الحالي لا الجمعيات المعارضة ولا الجمعيات السياسية الأخرى تمثل كل شعبنا البحريني.. كما يجب تحقيق تلك المطالب المشتركة عبر الوسائل الدستورية وفي مقدمتها البرلمان وليس ترك هذا المجال للآخرين والتفرج عليهم من خارجه مهما كانت الظروف».
هذا يعني أن مشكلة هذه الجمعية «التقدمية» تكمن في مسألتين؛ الأولى هي أن قيادتها لم تلتزم بما توافق عليه الأعضاء في نوفمبر الماضي من أمور تضمن لها الظهور في مظهر المحايد والموضوعي والفاعل في الحراك المجتمعي والسياسي، والثانية هي أن مواقف أمينها العام تميل لمواقف جمعيات أخرى يؤخذ عليها طرحها الطائفي وهو ما يضع الجمعية في موقف تبدو فيه وكأنها تحمل أيديولوجيتين متناقضتين.
كل أو كثير مما تم التوافق عليه بين أعضاء هذه الجمعية في نوفمبر الماضي وذكره البيان كان إيجابياً، حيث القول إنه يجب العمل على إزالة الانقسام الطائفي في المجتمع وإن الجمعيات السياسية لا تمثل كل الشعب، والقول بوجوب العمل على المطالب المشتركة عبر الوسائل الدستورية وفي مقدمتها البرلمان، كل هذه أمور إيجابية وتعبر عن عقل واع، أما غير الإيجابي فيها فهو أن قيادة الجمعية حادت عن هذا التوجه فأوقعت نفسها في إشكالية مع مجموعة الأعضاء ومع المجتمع الذي لا يتوقع من جمعية ترفع شعارات تقدمية إلا أن تكون موضوعية ومحايدة وأعضاؤها بعيدون عن الطرح الطائفي وعن كل من يتبنى مثل هذا الطرح من الجمعيات السياسية والأفراد.
بالتأكيد هناك تفاصيل لم يذكرها بيان الأعضاء المنتقدين لسياسة الجمعية، ولكن ما قاموا به خطوة مهمة تنبه إلى وضع يحتاج إلى ضبط في هذه الجمعية التي لا يمكن أن تجمع بين فعلي التنوير والطائفية