مع سقوط الجمعيات السياسية سقوطاً مروعاً في الانتخابات النيابية، وكذلك الكثير ممن كانوا ينضوون تحت الكتل المستقلة، وعدم قدرتهم على الفوز في سباق الانتخابات الأخيرة، كان للمستقلين الجدد اليد الطولى كي يتربعوا على عرش البرلمان الحالي، وبما أن البرلمان في بداياته، ربما نجد بعض الأخطاء تتكرر من جديد، وذلك لأن غالبية البرلمانيين اليوم هم من الوجوه الجديدة، وهذا أمر حتمي.
هناك أقاويل وأخبار مسربة عن رغبة الكثير من النواب المستقلين بتكوين تحالفات برلمانية، وذلك من خلال تشكيل كتل نيابية جديدة تحت مسميات مختلفة، فإن صح هذا الخبر فإنها أول الأخطاء التي سيقع فيها هؤلاء النواب، لاعتبارات كثيرة، لعل من أبرزها هو عدم دخولهم أجواء المجلس الجديد، وعدم معرفتهم بعضهم البعض معرفة حقيقية ولصيقة حتى هذه اللحظة، وهذا يعني أنهم سيدخلون في تحالفات غير واضحة المعالم!
لا يمكن أن تتشكل كتل نيابية اليوم من دون أن يختبر النائب المستقل غيره من النواب المستقلين أو حول طبيعة أدائهم وطريقة تفكيرهم، وهذا العامل الأخير هو الاعتبار الثاني الذي لا يمكن أن ينجح أي تكتل برلماني في ظل اختلاف مشارب وأفكار وتوجهات النواب الجدد.
ربما تتضح فكرة إنشاء تكتلات نيابية جديدة أكثر، وربما تنجح كذلك لو بدأ العمل النيابي عمله وأخذت كافة الأمور تتضح بشكل جلي، أما أن تتشكل كتل نيابية فقط من أجل أن تتشكل لا غير، فهذا يبين أول عيوب التفكير الاستراتيجي لدى النواب الجدد، حيث إنهم بذلك يشكلون كتلاً نيابية مستقلة مبنية على المجهول حتى من دون أن تتخمر معرفتهم الشخصية لبعض، فضلاً عن جهلهم لأداء زملائهم في المجلس.
هناك الكثير من الأخطاء التي وقعت فيها بعض الكتل النيابية المستقلة في الدورات السابقة، وربما كانت هفواتهم أكبر من هفوات الجمعيات السياسية آنذاك، ولهذا فإن تكرار تلكم الأخطاء يعني أننا سننتج برلماناً غير فاعل، لأن حقيقة العمل البرلماني هو اعتماده على طبيعة الحركة التشريعية والرقابية، وهذا الأمر يتطلب عملاً كبيراً جداً ولا يعتمد على الارتجالية والانفعال والصداقات.
ربما نتفق على أن التكتلات البرلمانية باتت أمراً ضرورياً للغاية، لكن ليس من الآن، وحتى قبل انعقاد أول جلسة جادة في المجلس، إذ إن التكتلات النيابية عادة ما تتشكل في الأثناء، وتكون وفق الحاجة وليس وفق التقليد أو من أجل التكتل فقط، وبهذا الفهم، سيعد تشكيل أي تكتل في الوقت الراهن، ومن دون دراسة معمقة ودراية حصيفة خطأ فادحاً، قد يكلف الكتل المستقلة الجديدة مكانتها وسمعتها، والأهم من كل ذلك أداؤها في المجلس.