كتب – حذيفة إبراهيم
قال رئيس مجلس أمناء مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل إن موقف سلطنة عمان الرافض لقيام الاتحاد الخليجي لن يحول دون تحقيقه، مشيراً إلى أن «دول مجلس التعاون ترى الضرورة في حدوث ذلك والوحدة أمر حتمي وسواء أرادت عمان الالتحاق لاحقاً أو لم ترد فالأمر يعود لها».
وأضاف الفيصل، خلال الجلسة العامة الخامسة والختامية في «حوار المنامة» أن «لسلطنة عمان كل الحق في التعبير عن رأيها لكن لن يحول دون حدوث الوحدة الخليجية».
وطالب خلال ندوة حملت عنوان «الاهتمامات الدولية في أمن الشرق الأوسط ومنع انتشار الأسلحة»، «إيران بوقف تدخلاتها في الشؤون العربية ابتداء من البحرين وصولاً إلى فلسطين»، داعياً إلى «إشراك دول مجلس التعاون لدول الخليج في مفاوضات مجموعة الدول الكبرى « 5 + 1 « مع إيران حول ملفها النووي».
وأشار الفيصل، في الندوة التي شهدت مشاركة الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الأعلى للأمن الوطني في إيران سيد حسين موسيان، إلى أن «إيران أشاحت بابتسامة للمنطقة خلال الفترة الأخيرة»، في إشارة منه إلى تصريحات إيرانية تشي بسياسة جديدة حيال جيرانها بدول الخليج مع وصول الرئيس الإصلاحي حسن روحاني إلى الحكم، إلا أن الفيصل قال: «لا نريد منها (طهران) التدخل في الشؤون العربية»، مشيراً إلى أن «هذه الابتسامة لن تؤخذ مأخذ الجد حتى نرى خطوات عملية على أرض الواقع».
وأضاف «نحن مستعدون للتعاون مع الجارة إيران المسلمة والتي يجمعنا بها الجوار الجغرافي والتاريخ الطويل ونرحب بتطوير العلاقة معها، والسبيل لذلك هو أن تصبح طهران عامل استقرار وليس عاملاً للارتياب والشك»، معرباً عن أمله في «مواصلة الرئيس الإيراني روحاني السعي نحو علاقة حسن الجوار».
ووصف سموه اتفاق جنيف بين دول « 5 + 1 « وإيران حول ملفها النووي بـ»الإنجاز الناقص الذي لا يستحق أن نصفق له حتى الآن ، لأننا لم نعرف إلى أين سينتهي»، معرباً عن أمله في «الوصول إلى ضمان عدم امتلاك طهران للأسلحة النووية بشكل دائم وثابت».
وأكد «أهمية مشاركة دول مجلس التعاون في المفاوضات بين مجموعة « 5+1 « مع إيران حول ملفها النووي ، خاصة وأن دوله تقع على الخليج العربي ، وأن أية مجهود عسكري سيؤثر عليها بشكل مباشر»، معرباً عن «دعمه للاستخدام النووي من قبل طهران في المجالات السلمية».
وقال إن «المملكة العربية السعودية تسعى أيضاً إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية»، مشيراً إلى «خطوات دولة الإمارات العربية المتحدة والتي بادرت في الولوج إلى هذا المجال».
وتحدث الفيصل عن اقتراح من وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل يقوم على عقد لقاء مع نظرائه في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال ال 6 شهور مقبلة.
وأوضح سموه أنه نادى منذ العام 2009 بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل « النووية، والكيماوية، والبيولوجية، في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه أعاد طرح المقترح في جامعة أمريكية قبل عدة شهور، مشترطاً أن يحظى بضمانات من الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي وهى « الولايات المتحدة الأمريكية ، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين .
وبين أن هذه الضمانات هي أن توفر هذه الدول حماية للمنطقة من أي تهديد بأسلحة الدمار الشامل من قبل أي طرف، وأن تسعى هذه الدول لمعاقبة أي من دول المنطقة والتي تحاول حيازة أسلحة دمار شامل عن طريق العقاب العسكري والسياسي والاقتصادي .
وأشار إلى أن هذا الاقتراح يصطدم بعقبتين رئيستين وهما امتلاك « إسرائيل « لأسلحة الدمار الشامل حيث تحوز على مئات الرؤوس النووية، كما أن لديها برنامج كيماوي وبيولوجي حتى وإن لم تعترف بذلك ، إضافة إلى أن البرنامج النووي الإيراني قد أثار شكوكاً حول رغبة طهران بامتلاك أسلحة نووية .
ونوه إلى أن الأمن في المنطقة يتأثر كذلك بالقضية الفلسطينية رغم مجهودات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في دفع عملية السلام من خلال برنامج يمتد لمدة 9 شهور مضي منه ثلاثة أشهر .
وقال إن الغرب تعهد بالتخلص من أسلحة نظام الرئيس بشار الأسد أيضاً خلال 6 شهور، متسائلاً إن كانت هذه ال 6 أشهر دليل جدية، أم صدفة، داعياً إلى الترقب لمعرفة النتائج .
من جهته أكد وزير الشؤون الخارجية بدولة الهند سلمان خورشيد عمق الروابط التاريخية والاقتصادية التي تجمع دول مجلس التعاون مع نيودلهي باعتباره من أكبر شركاء الهند التجاريين حيث ارتفعت قيمة المبادلات التجارية من 167 مليار دولار في 2011 إلى 180 ملياراً في العام 2013 ، كما توفر دول المنطقة نحو ثلثي متطلبات الغاز والنفط لبلاده، كما يعمل نحو 7 ملايين مواطن هندي في دول مجلس التعاون يرسلون نحو 70 مليار دولار في السنة، وتشكل تحويلاتهم نحو 40 في المائة من قيمة الحوالات الداخلية، مشيداً في هذا الصدد بجهود العمالة الهندية في المساهمة في بناء اقتصاديات دول مجلس التعاون وعدم انخراطهم في أية قضايا سياسية .
وأوضح أن دول مجلس التعاون لديها وفورات اقتصادية ومالية واستثمارية كبيرة يكمن استيعابها في الاقتصاد الهندي، كما يمثل الخليج وجهاً لنحو مئات الرحلات الجوية في إطار السياحة والترفيه والعمل مع الهند أسبوعياً بينها نحو 700 رحلة مع دولة الإمارات .
وأضاف أن الهند تشارك دول مجلس التعاون في مكافحة الإرهاب والقرصنة وغسيل الأموال ، وتجري مناورات عسكرية ،ووقعت مذكرات تفاهم في مجال الدفاع المشترك ، وتعمل على نزع السلاح النووي في الشرق الأوسط .
ونوه إلى وجود روابط بين الهند ودول مجلس التعاون بينها أمن الطاقة حيث تشارك الهند حالياً في التنقيب والاستخراج ، مع إقامة مصانع بتروكيماويات وأسمدة ، مشيراً إلى أن نجاح أمريكا في إنتاج النفط الصخري سيقلل اعتمادها إلى نفط الشرق الأوسط ، فيما تطمح الهند إلى مد أنابيب الغاز من الخليج إليها، بالإضافة إلى الروابط في مجالات التعليم العالي والصحة والدفاع والأمن.
وحول ما يسمى بـ « الربيع العربي « قال إن بلاده تؤيد التعددية الديمقراطية مع المحافظة على خصوصية كل دولة، معرباً عن مخاوفه من سيطرة عناصر متطرفة في سوريا التي تعد المنطقة الأكثر اشتعالاً حيث أصبح ربع السكان مشردين، بينما برزت الاختلافات الطائفية والعرقية في العراق وليبيا، على حد تعبيره ، مشيراً إلى أن مصر لديها علاقات جيدة مع الهند.
ورحب باتفاق جنيف بين دول « 5+1 « مع إيران حول ملفها النووي، وحل تلك القضية عن طريق الدبلوماسية للوصول إلى حل طويل الأمد ومستدام، مشيراً إلى أن التدخل العسكري بدون فائدة لحل أي نزاع .
بدوره اعتبر د. غاري سامور المدير التنفيذي للبحوث بمركز بلقر للعلوم والشؤون الدولية بجامعة هارفرد اتفاق دول « 5+1 « مع إيران حول ملفها النووي خطوة أولى لكنها ضئيلة .
ووصف الاتفاق بأنه ليس إنجازاً تاريخياً، بل اتفاقاً مرحلياً أو هدنة مدتها 6 شهور لن تقوم خلالها الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات جديدة بينما ستظل العقوبات الاقتصادية رغم الموافقة على منح طهران نحو 7 مليارات دولار .
ونوه إلى غضب حلفاء أمريكا في المنطقة من الاتفاق لأن واشنطن وطهران كانتا تقومان باتصالات سرية، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما فتح منذ العام 2009 نافذه مع إيران، فيما أرغمت العقوبات طهران للتفاوض .
ودعا إلى الولوج لمفاوضات جادة للوصول إلى اتفاق نهائي، مشيراً إلى أن واشنطن ستعمل خلال الفترة القريبة المقبلة إلى عدم زيادة القدرات النووية الإيرانية وتركيب أجهزة طرد مركزي جديدة بالإضافة إلى تعزيز دور مجلس الطاقة النووية في الرقابة ، مشيراً إلى تهديد الرئيس أوباما بعدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية .
وقال إن إيران خشيت على نفسها في العام 2003 بعد التدخل الأمريكي في العراق ومن قبله في أفغانستان، من أن يصبها غضب الولايات المتحدة عقب اعتبارها أحد دول محور الشر، وقامت بالتخلي عن تطوير برامجها النووية حتى لا تتعرض لاحتمال ضربة عسكرية، ولكنها بعد عدة سنوات ومع انخفاض عديد القوات الأمريكية في المنطقة واصلت طهران عملية تخصيب اليورانيوم ، مبيناً أن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش عارض انفتاح واشنطن مع طهران. من جانبه، قال سيد حسين موسيان الباحث بجامعة برينستون الأمريكية والرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الأعلى للأمن الوطني في إيران إن كل الأطراف الإقليمية والدولية لم تحقق أهدافها في المنطقة خلال السنوات ال 30 ماضية، حيث لن يكون لبلد وحده أن يهيمن عليها، واصفاً ما يدور حالياً بالحرب الباردة التي لن تخدم الجميع .
وأضاف أن هناك عقوبات على إيران نتيجة برنامجها النووي، بينما إسرائيل تمتلك مئات القنابل النووية، لافتاً إلى أن الحروب في العراق وأفغانستان والأزمة السورية والقضية الفلسطينية جعلت منطقة الشرق الأوسط الأكثر هشاشة على وجه الكرة الأرضية، لعدم وجود نظام تعاون مشترك بين دول المنطقة.