تواجه التجربة النيابية البحرينية، بعد تدشين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي النواب والشورى، ثلاثة تحديات أساسية حول إقرار برنامج عمل الحكومة، لأول مرة، تطبيقاً للتعديل الدستوري الخاص بالمادة «46» الذي أعطى المجلس الحق في رفض البرنامج، فيما كان قبلاً يكتفي بتقديم ملاحظات غير ملزمة.
تتموضع التحديات الثلاثة، في أنه أولاً تطبيق جديد يتطلب سرعة مراجعة البرنامج ووضع الملاحظات التي على ضوئها يتحدد مصير البرنامج، رفضاً أو إقراراً، وأنه ثانياً يقيس قدرة النواب الجدد على صياغة رؤيتهم بالتوافق وفق ما تقتضيه مصلحة الناخبين الذين أوصلوهم إلى قبة البرلمان، خاصة أن الغالبية العظمى من النواب مستقلون لا ينتمون إلى جمعيات، ما يعني أنه ليس لديهم رؤية محددة سلفاً حول القضايا إنما يحددون مواقفهم من كل قضية على حدة، وأنه ثالثاً مؤشر على تطور التجربة الديمقراطية البحرينية يحتاج إلى عناية خاصة، كي ينجح، ويؤتي ثماره.
استعجال النواب في التصريح بأن المجلس لن يمرر أي برنامج حكومي من دون «إعادة توجيه الدعم الحكومي للمستحقين»، يضع هذه التجربة الجديدة في محك التحديات، فالأمر ليس معركة إنما هو استراتيجية ورؤية، وهذا التصريح من جانب يندرج تحت بند «الاستمالات العاطفية» للجماهير، قبل صافرة البداية لمباراة النواب/الحكومة، ومن جانب آخر، فهو يصنف ضمن «افتعال المعارك» مع الحكومة، خاصة في ظل انخفاض سعر برميل النفط، الأمر الذي يمكن أن يترك تأثيراته على موازنة الدولة.
وكان الأجدى، قبل هذا التصريح، النظر لما وراء كلمات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء خلال أول جلسة لمجلس الوزراء، والتي وضع فيها مبادئ ومنطلقات برنامج عمل الحكومة للسنوات الأربع المقبلة، إذ قال إنه «يستمد مبادئه ومنطلقاته من تحقيق آمال وتطلعات المواطنين نحو غد زاهر، ويستند على مواصلة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة، وينفذ وفق برامج واضحة ترتقي بالتعليم والرعاية الصحية وتوفير المسكن الملائم وفرص العمل للشباب وتكفل الاستخدام الأمثل لموارد الدولة وتنويع إيراداتها وترشيد مصروفاتها وتنمية اقتصادها في ظل مناخ استثماري ملائم وأجواء آمنة ومستقرة ويكرس الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص بين الجميع»، فهي تحمل بين طياتها مؤشرات لا يختلف حولها النواب.
يحتاج النواب إلى قراءة متأنية لبرنامج الحكومة تأخذ في اعتبارها متغير أسعار النفط، والتطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهذه القراءة بحاجة إلى نواب ذوي كفاءة، فاللجنة التي سيتم اختيارها بالمجلس لمراجعة برنامج الحكومة ورفع تقريرها للمجلس، لابد أن تضم نواباً من أصحاب الخبرة بالعمل البرلماني، واقتصاديين وقانونيين، ليقدموا رؤية متكاملة حول برنامج الحكومة للمجلس الذي يرفع رؤيته، خلال مدة الـ30 يوماً التي قررها التعديل الدستوري