سيستمر الوفاقيون في بيع قصة الانتخابات إلى ما لا يقل عن شهرين من الآن، سيقولون إنها كانت نزيهة ولم تحدث فيها تجاوزات وإنها كانت صادقة وشفافة ونموذجاً ينبغي من دول العالم أجمع أن تحتذي بها. لكن مقياس نجاح الانتخابات ليس هنا، فـ»القياديون» الخمسة والثلاثون الذين تم انتخابهم الجمعة الماضي ليشغلوا المناصب التي هي دون منصب الأمين العام ونائبه يظلون غير مؤثرين، فلا بأس لو تم انتخاب سين أو صاد أو غيرهما، هي مناصب قيادية في الجمعية لابد من شغلها بأشخاص. المقياس الحقيقي لنجاح هذه الانتخابات ابتعدت عنه «الوفاق» وهو منصبا الأمين العام ونائبه اللذان حسما بالتزكية كما في كل مرة، بأمر آمر. لو كانت الانتخابات تشمل هذين المنصبين وجرت في الأجواء التي تم وصفها وبالطريقة التي تم الترويج لها وسيتاجر بها لكان محكاً يعتد به، حيث الأكيد في مثل هذه الحالة أنه سيستفاد من تجارب كل دول العالم في «تقليط» الشخصين اللذين يراد إيداعهما في هذين المنصبين والتغطية على ذلك والقول إنها إرادة الأعضاء.
المناصب التي تم انتخاب من انتخبوا لها لا تأثير لها فالقيادة و»الخيط والمخيط» بيد الأمين العام وليس حتى بيد نائبه، والأمين العام ينفذ سياسة مرسومة و»متكتك» لها لا يمكنه أن يحيد عنها. هذه حقيقة لا تستطيع الوفاق التغطية عليها.
انتخابات الوفاق بضاعة هزيلة سيتم الترويج لها وبيعها على المنظمات العالمية بأنواعها وستبرزها الفضائيات السوسة بقيادة فضائية «العالم» الإيرانية على أنها المثال الذي يجب أن يحتذى ويتعلم العالم منه بما في ذلك الدول الديمقراطية التي يريدون تحويل البحرين لتصير مثلها. وأول وسائل الترويج لهذه البضاعة هو الضرب والتشكيك في الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة وإسباغ كل صفة سيئة عليها رغم عدم منطقية المقارنة كون هذه انتخابات دولة وتلك مجرد انتخابات جمعية سياسية تمت تروج لفترات طويلة أن أعضاءها بعشرات الألوف ثم ليأتي الرقم الأخير صادماً ليقول إن عدد المشاركين في الانتخابات أقل من ألفين وثلاثمائة وأن 22% من الأعضاء الذين يحق لهم التصويت لم يحضروا «أحد «القياديين» كتب أن عدد أعضاء لجنة فرز الأصوات والمنظمين لمؤتمر الوفاق يفوق عدد الأصوات التي حصل عليها بعض النواب. بينما كتب «قياديون» آخرون أن «الآلاف» من الأعضاء شاركوا في الانتخابات وأن «المئات» طلبوا الانضمام إلى الجمعية»!
ماكينة إعلامية استفادت كثيراً من خبرات غير محلية تعرف كيف تعمل من «الحبة قبة» وتعرف كيف تلوي عنق الحقيقة وتروج الخطأ على أنه الصواب الذي لا صواب بعده. إن رصداً للتصريحات والمقابلات والتغريدات التي ستمتلئ بها الفضائيات الداعمة في إيران والعراق ولبنان وبريطانيا والمواقع الإلكترونية المنتشرة في كل أرجاء العالم ووسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها، مثل هذا الرصد من شأنه أن يبين كيف تعمل هذه الجمعية التي تعتبر نفسها علامة وتريد أن تكون دولة داخل دولة كما حدث في لبنان مع «حزب الله»، ولنجد أنفسنا بعد قليل نسمع أن هذا هو رأي الدولة وقرارها بينما ذاك هو قرار جمعية الوفاق التي لا تلزم قرارات الدولة أعضاءها ومناصريها.
رصد تصريحات هذه الجمعية في هذه الفترة التي ستسعى فيها إلى بيع قصة الانتخابات من شأنه أن يكشف الكثير من المستور ويؤكد الكثير من الشكوك ويفضح الكثير من الخطط والأحقاد على الدولة. كما أن الدعم الإعلامي من تلك الدول والمنظمات والذي سيرافق ذلك سيعين على اكتشاف كل هذه الأمور، ذلك أن التاجر قليل الخبرة أو زائد الحماس يوقع نفسه في الأخطاء التي تبين المستوى الحقيقي لبضاعته التي يروج لها فيضر بها من حيث يريد أن ينتفع.