إن ما يحدث من لعب مكشوف من قبل كبريات الدول المهيمنة على مقدرات البشرية وبالذات في مصادر عيشهم لهو حرب أقسى بكثير من الحروب الكلاسيكية. فكما قيل «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق». والمراقب الفطن يلحظ جلياً أنه خلال الخمسة عقود المنصرمة حدثت تقلبات عنيفة في أسعار النفط والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الوضع الملتهب وغير المستقر دوماً في عالمنا العربي وبالذات منطقة الخليج العربي فعند كل أزمة واضطراب يتدحرج بجوارها برميل النفط.وأزمة هذا العقد بلا شك هي ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، ومقارعة الإرهاب فلا غرابة لما يحدث إستنتاجاً!!! عند كل مرة يحدث ارتجاج في أسواق النفط العالمية تقف وراءه علانية الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية وكبريات شركاتهم لتمتلئ مخازنهم بملايين البراميل بأسعار تكاد تكون موازية لسعر الاستخراج في دولهم وتحسباً للسيء من قابل الأيام. وبعضها تدعمه خفية لمآرب لا تصب سوى في مصالحهم.إن ما تسوقه لنا بعض الدول وخاصة أمريكا بأنها ستتجاوز أو تجاوزت إنتاج المملكة العربية السعودية بسقف إنتاجها من نفطها الحجري أو الرملي ما هو إلا أكذوبة كبيرة لا تنطلي على خبراء النفط فضلاً عن المتابعين لشؤونه. أثبتت الوقائع أن المتضرر الرئيس غالباً هي الدول المنتجة لهذات الاقتصاد الأحادي الجانب فتقع ضحية للعبة قذرة باستغفالها أو استدراجها وتوضع مكرهة بين كماشتين لامفر منهما!! فإما أن تواجه مجبرة هذا السيل وتتكبد المليارات من الدولارات ولا تعلم فترة الركود ولا مستوى الأسعار فذلك سر لا يباح به أبداً. او تلجأ لخفض الإنتاج والذي قد لا يستجيب له بعض أعضاء منظمة «الأوبك». أو ربما تعمد بعضها لإغراق الأسواق وهذا بحد ذاته يعد مشكلة تحرج الأخرى فليست كل آبار النفط لتلك الدول لها القدرة لتجاوز سقف الإنتاج. ثم بعدها تصبح تلك الدول ومنظمتها في وضع لا تحسد عليه ويضع الجميع أمام امتحان جد عسير. إن ما جرى خلف الكواليس من استخدام سلاح النفط لتركيع دول بعينها ممن لا يقوى المجتمع الدولي على مجابهتها أو ثنيها بمجلس الأمن الذي فصلت قراراته ومقرراته وفق مقاساتنا حصــراً ستكون له نتائــج كارثية على أخـرى ليـــس لهـا ذنــب ســوى أنهـــــا منتجــة للنفــــط. فـــــإن كــان السيــناريو المـــعد هـو بعلمهـا فمــا أسهــل أن يتــم تغييــــر قواعـــد اللعبة كما فعل بالكثير من المغفلين فذاقوا بسذاجتهم وبال أمرهــم. وكما يقال إن أخطر أنواع المقامرة هو اللعب مع الكبار. وإن كانت تلك الدول خارج قواعد اللعبة فذلك هو المأزق بعينه لأن كل التحوطات والإجـــراءات للتقليل مــن أضـــراره ستكون قاسية ودون جدوى لسبب بسيط هو إلى أين ومتى ستنتهي فصول ذلك العرض المرعب.وعند كل انعطاف خطير تتنبه تلك الحكومات إلى ضرورة التحرك والبدء الجدي في وضع ركائز لاقتصاد متين لايكون الجانب النفطي طاغياً عليه لتفادي الأضرار بل الانهيار. لكن للأسف ما تلبث تلك الأفكار أن توضع في أدراج النسيان مع أول بوادر تحسن في الأسعار. وليس كل مرة كما يقال تسلم الجرة. وللحديث بقية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90