مؤلم حقاً أن يجمد ويعطل القانون لمدة أربع سنوات ترتكب خلالها جرائم فادحة لا تغتفر بحجم الدمار الشامل للدولة وللمجتمع، تفقد فيها أرواح لموتى بالعشرات ومصابين بعاهات بالآلاف وكأننا خضنا حرباً، ويحدث لأول مرة في تاريخ هذا المجتمع المسالم تلك الانقسامات الطائفية المقيتة ويظل المسؤول عن هذا الدمار يسرح ويمرح على مرأى ومسمع منا ومن القانون لأسباب مجهولة يفسرها البعض بأنه محمي من دول أجنبية لأنها روجت له أنه هو من يمثل الشعب البحريني قسراً ومجافاة للحقيقة.
مؤلم أن ندفع من أرواحنا ومن أجسادنا ومن اقتصادنا هذا الثمن الباهظ فقط لأننا كنا نحسب حساب دول أجنبية وردود أفعالها ولا نحسب حساب قانوننا الذي أقرته مؤسساتنا لتذهب أرواحنا وأموالنا ومصلحة مجتمعنا فداء لتلك العلاقات الدولية وهو وماكينته الإعلامية مستمر بالادعاء بأنه يمثل الشعب البحريني ومن حقه بالتالي أن يقول ما يقوله ويرتكب ما ارتكبه في حق الوطن.
اليوم حين ظهر الحق الذي كنا نصدح به أربع سنوات لا بالقبض والتحقيق مع زعيم تلك الجماعة فذلك إجراء متأخر جداً، بل الحق ظهر حين عرف حجم هذه المجموعة الحقيقي وانكشف للعالم، بأن مجموعة ما يسمى «بالوفاق» كجمعية سياسية، لا تمثل غير بضعة أشخاص لا يزيدون عن الألفين وللدقة 1800 شخص هم من تعنوا وحضروا للمشاركة في انتخاباتهم الخاصة بهم، وذلك حسب تصريحهم الذي هو الآخر يحتاج إلى تدقيق، حينها تحركت الأجهزة الأمنية وطبقت القانون وهي مطمئنة.
كلنا كنا نعرف أن المسيرات السابقة كانت تظهر بقوة دفع دينية لا علاقة لها بالأجندة السياسية لهذه الجمعية، وحتى تلك المسيرات لا تمثل الشعب البحريني، الأرقام وحدها تتكلم، وبعد أن قال الشعب كلمته في الانتخابات النيابية بمشاركة أكثر من 180 ألف مواطن أي أكثر من مائة ضعف اتضحت الرؤية وانقشع الغبار وبانت الهشاشة المغطاة بالكريمة الأمريكية التي نفخت فيهم وزينتهم وأرادت أن تفرضهم فرضاً وقسراً علينا.
ليس الرقم في الانتخابات من فضحهم بل إن الاستبيان الذي أجري لبرنامج كلمة أخيرة والذي شارك فيه 1300 شخص كعينة، بين أن الغالبية العظمى من المشاركين اختاروا الأمن والأمان على سلم أولوياتهم كاحتياجات المواطنين، بنسبة فاقت الخمسين بالمائة، وتلاها الرواتب والأجور، ومن ثم تحسين مستوى المعيشة، ثم جاء الإسكان من بعدها ولم تحصل «الإصلاحات الدستورية» التي حرقوا البلد من أجلها إلا على أقل من 5% كاختيار يضعها في أولويات الاحتياجات وهي نسبة واقعية تؤكد ما هو مؤكد بأنه حتى الأجندة المعلنة لتلك المجموعة وهي «الإصلاحات الدستورية» لا تعني شيئاً لغالبية المواطنين ولا تستحق هذا الثمن الباهظ الذي دفعه الوطن.
تلك المؤشرات تبين ما كان واضحاً لنا وضوح الشمس لأربع سنوات خلت وقفنا فيها وتصدينا لكل ما قامت به ماكينة النفخ والتكبير والمبالغة التي فعلتها مع سبق الإصرار والترصد وسائلهم الإعلامية التي وصل بها الكذب والافتراء بالتهديد باستخدام سلاح معاداة السامية، وأين في البحرين بلد التعددية والتسامح والتعايش، لقد أظهروا استعدادهم لفعل أي شيء ودفع أي ثمن فقط من أجل تحقيق أجندتهم الخاصة، إنه السقوط الأخلاقي المدمر.
الآن بعد وضوح الرؤية للجميع في الداخل والخارج بدأت البحرين تعمل كدولة مؤسسات وقانون وبدأت تطبق القانون وهي مرتاحة جداً، رغم أنها كانت قادرة على أن تطبقه دون أية اعتبارات سياسية، لكن.. لا نستطيع أن نقول إلا قدر الله وما شاء فعل.
الآن لنترك القانون يأخذ مجراه الذي تعطل ولن نستبق أحكامه، وليأخذ القانون كذلك مجراه في معالجة العديد من خيوط تلك الشبكة العنكبوتية التي أطبقت بحبالها على خناق الوطن وحولته إلى ثكنة حوزوية لها أجنحتها العسكرية والدينية والإعلامية والسياسية، لتعود البحرين دولة مدنية ديمقراطية دولة تعايش فيها السنة والشيعة أهلاً وإخوة بلا بكائيات «الحسد والاضطهاد والأسطوانة المشروخة» بلد قادرة على النهوض من كبوتها والعودة بمسيرتها إلى المسار الصحيح الذي كانت عليه.
الحق حين يأتي متأخراً له طعم مر، لكنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح و«إن الباطل كان زهوقاً» طال الزمن أو قصر.