والله مفارقات عجيبــــة غريبة تقوم بهــــا هذه الجماعة التي شوهت حتى مصطلح «المعارضة».إذ كيف تتحدى الدولة، وتهين قانونها وقضاءها، وتتطاول على رموزها، وتحرض على السلم الأهلي، وتشق صف المواطنين بالطائفية التي «تقطر» منك، وتلوح بإمكانية استخدام العنف، بل وتشير لوجود دعم يوجه لك، وبعد كل ذلك، حينما تقوم الدولة بمجرد استدعائك والتحقيق معك تقيم الدنيا «بكائيات» و»نواح»، ويخرج من ورائك أناس، ليثبتوا كذب ادعائك «السلمية» حينما يحرقون الإطارات ويسدون الشوارع ويهاجمون مقرات الشرطة ورجالها؟!علي سلمان وجهت له تسعة اتهامات على رأسها التحريض ضد النظام، وهذه التهمة بالتحديد لو قام علي سلمان بممارسة الأفعال الدالة عليها في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية لما وجدتموه ينتظر أصلاً في تحقيقات جنائية ولا نيابة عامة، لوجدتموه على الفور في «غوانتنامو»، وحينها لو كتبت دكاكين حقوق الإنسان مليون بيان فلن يردع الأمريكان شيء، طالما أنهم يقومون بشيء يؤمنون أنه لحماية أمنهم القومي، وليتوسل بعدها كلمة أو اثنتين من أوباما. لو قام علي سلمان بالتحريض ضد النظام البريطاني لوجد أمامه القانون البريطاني ينفذ بصرامة، ولوجد رجلاً مثل ديفيد كاميرون يلجم بشأنه دكاكين حقوق الإنسان حجارة اسمها «سيادة وهيبة الدولة»، مثلما فعل في أحداث شغب لندن.ولو قام علي سلمان بالتحريض ضد النظام في السعودية والإمارات وقطر، لما ترددوا لحظة في استدعائه والتحقيق معه ومحاكمته، لما انتظروا قرابة أربعة سنوات ليحققوا معه 10 ساعات ويبقوه لـ 24 ساعة قبل إحالته للنيابة.بل لو قام علي سلمان بالتحريض في إيران ضد نظام مرشده الأعلى، لما حققوا معه ولما حاكموه ولما سجنوه، بل ربما وجدتموه متدلياً من عمود إنارة.الدول لا تتسامح فيما يتعلق بأمنها القومي ولا القانون، لكن بلادنا البحرين – وهي حقيقة يعرفها علي سلمان تماماً - انتهجت كثيراً أساليب التسامح ومنح الفرص، حتى لمن أساء لها وسعى لإسقاط نظامها، لكن هذا الأمر لم يزد الباغي إلا بغياً، وهي حالة علي سلمان التي تثبتها الكثير من فيديوهاته الأخيرة التي فيها تصريحاته الانفعالية والمتشجنة، والتي زادت من حدتها بعد فشل الوفاق في تصفير صناديق الاقتراع وكتب عليها أن تجلس في الشارع أربعة أعوام وهي التي كانت توفد موفديها للحصول على صفقة. نجحت الانتخابات فقام يهدد الدولة بكل صراحة، راح يتوعد باستخدام القوة وعدم ضمان بقاء ميليشياته سلمية، على افتراض أنها سلمية، وهي أصلاً كذبة وفبركة، إذ التحريض لم يتوقف والإرهاب الذي يعقبه لم ينته. والآن في مؤتمر جمعيته التي ادعى يوماً أن أعضاءها قرابة 70 ألفاً ثم قللوه إلى 35 ألفاً ثم أعلنوا أنهم 3 آلاف يحق لهم التصويت ولم يحضر سوى قرابة 1800 شخص، يأتي في هذا المؤتمر ليقول بكل وضوح أنه «هناك جهات دعته لترك السلمية»، ويشير بوضوح «لإقامة معركة واستخدام القوة». أيريد بعدها أن تقف الدولة وتتفرج عليه وتغض الطرف عن تهديداته لها؟!والله الدولة منحته أكثر من فرصة، ونحن من كنا نلومها على ذلك، وقلناها مراراً، إن عدم تطبيق القانون عليه ليس حلاً، بل فتح مساحة أكبر له ليتمادى ويتطاول، وها هو وصل لمرحلة يهدد فيها الدولة علانية باستخدام القوة!والله تستغرب من هكذا جماعة، يريدون تحدي الدولة بالكلمات، وحينما يستدعون للتحقيق تبدأ مسرحيات التباكي ونشر تخرصات واهية مثل القول بأنه – أي علي سلمان – رجل يضمن سلمية الشارع بالتالي من الخطأ توقيفه. أو مثل القول بأن «توقيفه خطأ من الدولة وأنه يسيء لكافة الشعب»!أولاً نقول إن تركه دون توقيف لهذه المدة الطويلة هو بحد ذاته إساءة للوطن وجميع الشعب، سواء الأطياف الغالبة التي وقفت ضده في إعلانه «إسقاط الدولة» هدفاً، أو من يسير وراءه، كونه قادهم لمصير قاتم، ويكفي قتامة أن يكون الفرد محارباً لأرضه حارقاً لها موالياً لهدف يتلاقى مع أسمى طموحات دولة لها تهديدها وأطماعها التاريخية السابقة والمستمرة في البحرين.من يهدد الدولة لا يتباكى حينما تستدعيه لاستجواب أو يواجه مصير التوقيف كونه تجاوز القانون. من يقول إنه «مناضل» ويحاول تصوير نفسه على أنه غاندي، عليه أن يعي أن غاندي لم يحشد الناس ليتباكوا من أجله ولم يستخدم العنف أو يلوح به.ولا رد فعل من السفراء الأجانب في البحرين كونهم رأوا بأم أعينهم طوال السنوات الثلاث الماضية حقيقة ما يحصل، ورأوا كيف أن علي سلمان وجماعته أعطوا أكثر من فرصة وضيعوها، حتى السفارة الأمريكية سكتت، إذ في تلك الدول – والسفراء يدركون – بأنه لو وقف مواطن منهم ليهدد الدولة لما بات في بيته ليلتها وما أعقبها، ولحوكم بالقانون، إذ منذ متى أصبحت الدول تدار كالغابة؟!حتى لحظة كتابة هذه السطور، لا ندري هل تم توقيف خادم الولي الفقيه أو اتخذ بحقه قرار آخر، لكننا نقول للدولة بأن يكفي الاستهتار الذي حصل سابقاً بأمن البلد وأهله حينما تركت بعض أبواق التحريض وقيادات الإرهاب والتخريب طليقة. لديكم قانون طبقوه، ومن يأتي من الخارج ليتفلسف ليذهب ليمارس فلسفته أولاً في بلده.يهدد الدولة ويسيئ لرموزها ويستهزئ بالطوائف الأخرى ويقول لهم «تحلمون»، وبعدها يطالب وجماعته الدولة أن تعامله وكأنه مواطن مرفوع القلم وعلى رأسه ريشة! بل، لا يريد حتى تطبيق القانون عليه، أو مساءلته!لكن نقولها بأنه وللأسف الدولة تلام عندما تركت جماعة ولاؤها للخارج تعمل وتتضخم وتصدق في نفسها عندما يسكت عن تطاولها، وتتحول لمن يريد تأسيس دولة داخل دولة. والمؤسف أن الدولة صورت بأن محاسبة هؤلاء وكأنه «تابو» لا يمس، وتعبنا ونحن نكتب ونقول ونطالب. بالتالي على الدولة اليوم «كسر» هذا التابو ووضع النقاط على حروفها وإثبات أن القانون ليس لديه في تصنيفه مواطن على رأسه ريشة ولا معارض على رأسه ريشة إيرانية أو أمريكية. التابو الأوحد الذي يجب أن يكون قائماً هو البلد وعدم الإساءة لها أو استهداف أمنها.اسألوه من اقترح عليه أن يواجه الدولة عسكرياً ويحول البحرين لساحة حرب، فهو قال ذلك! اسألوه من هؤلاء المقترحون، وليجبكم «مناضل الكلام»!