مع إشراقة كل يوم جديد يكون لدينا أمل متجدد في أن يكون أجمل من اليوم الذي سبقه، وأن نشعر بتغيير إيجابي ما، في مكان ما، على صعيد أو مستوى ما، ولعل أول تغيير نكون في أمل كبير أن يصير ونتمناه، هو أن يحصل لدينا، حقيقة، وهذا لا يعبر عن أنانية منا لذاتنا، وإنما ببساطة، لأننا كلنا ننظر للأفضل انطلاقاً من قاعدة، «ابدأ بنفسك قبل أن تبادر، وتوجه أو تصلح أو تغير الآخرين، باعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه».
ها نحن في ثاني يوم من أيام السنة الجديدة، ولا شك في أن الأغلبية منا، وضع قائمة من الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، مملوءٌ غبطة تسع الكون فهو يخط باليمين ما يرنو إليه، ولكن سرعان ما تساوره خيبة الأمل، وكأن مر به صاعق كهربائي، عندما تقع عينه على أهداف الأمس. فللأسف أن معظم ما قام بتدوينه من أهداف للسنة الجديدة هي في الأغلب كان كتبها في السنوات السابقة، ولكن بفارق صغير أن الأهداف هي نفسها، ولكن نحن من كبر، وتقدم به العمر، وكلما مر زمن عن تلك الأهداف او الأحلام، أصبحت قيمتها في تناقص. ولكي نخفف وطئ الصدمة النفسية على أنفسنا نحاول رمي كرة الأحزان على فلان أو علان، بتمنعه عن مساعدتنا أو تلك الظروف الغابرة. ولا أخفي عليكم، منذ فترة وجيزة جداً، أثر في نفسي شخصياً أحد الإعلانات التجارية لأحد المشروبات الغازية الغنية عن التعريف، والذي حمل شعار «يلا.. Now». وتقوم فكرة الإعلان على أن هناك بعض الأشخاص يعدون إلى ثلاثة والبعض الآخر يعد إلى عشرة وآخرون لايزالون في العد، لأنهم على وضعهم مرتاحون. فما نفهمه من الإعلان أن علينا كسر هذا الشعار العددي، ومن ثم نقدم دون تردد مع حرص منا، على عدم التهور، فليس المقصود من دعوتي أن «نرمي بأنفسنا إلى التهلكة»، من دون إدراك أو سابق تخطيط، ولكن يجب أن تكون دوافعنا وأحلامنا في مستوى التفكير والتنفيذ.
والإعلان المشار إليه، ذكرني بحوار دار بيني وبين صديقة من أيام الجامعة، عندما سألتها: «ماذا تمسكين في يدك، أهو غيتار؟! فأجابت بكل ثقة «نعم»، فسألتها مرة أخرى: منذ متى وأنت تتعلمين؟ فأجابت: منذ أن كنا سوياً نتكلم عن عزمنا أن نتعلم الموسيقى، وقد استيقظت في اليوم التالي وتوجهت إلى «الكونسرفاتوار»، وسجلت أسمي وبدأت منذ بداية الشهر، فماذا عنك أنتي؟ أجابتها بقليل من الحزن «إن شاء الله، قريباً»، وهذا اليوم لم يأتِ بعد ليومنا هذا.
وعندما سألتها كيف كان ذلك؟! ردت ببساطة، يوجد نوعين من الناس: أناس تنفذ مع التخطيط، وأناس تخطط وتنسى التنفيذ.
والآن، ما فات قد ولى ومضى عليه الزمان، وما من داعٍ لكثرة الأسف والأحزان، وإنما بعزيمة منا، يمكننا أن نغير الأحوال، باستعانة متفردة من رب الأكوان. ولا شك في أن جمال الأيام وابتسامتها وأحزانها وأرقها وسهرها التي مضت لا يمكن أن تمحوها الأزمان، ولكن فلنأخذ من الأمس عبرة، وتكون لنا في الأيام القادمة حكمة. ولكن ليس علينا أن نكون فقط من المنتظرين لعمليات التغيير، بل نحن من عليه أن يقدم، ليستمتع بغد مشرق جديد مليء بكثير التحديث والتباشير.
وهنا لا أجد أصدق من قول الله عز وجل، عندما قال في كتابه الكريم: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». صدق الله العظيم، والذي نحن له من الشاكرين، وعسى أن تكون أيامكم جميعاً تمتلك الكثير من التغيير المنير.