على الهواء مباشرة نقلت فضائية «العالم» الإيرانية وفضائيات أخرى قبل يومين من بيروت تفاصيل مهرجان خطابي تضامني مع أمين عام الوفاق شارك فيه الأمين العام المساعد لحزب الله اللبناني وعدد من الشخصيات الدينية بحضور ممثلين لـ»المعارضة» البحرينية ينشطون في بيروت وعدد كبير من أصحاب العمائم. في ذلك المهرجان لم يترك المشاركون كلمة سيئة عن قيادة البحرين وحكومتها إلا وقالوها وطالبوا وهددوا وتوعدوا، من دون أن ينتبهوا إلى أن لبنان الذي اتخذوه مرتعاً لهم يحتاج إلى من «يداوي قرعته»، وأن هذا هو أقصى ما يمكن أن يفعله اللبنانيون الذين أضاعوا بلدهم وأغرقوه في المشكلات، بسبب تلك المهرجانات الخطابية منزوعة القيمة، حتى وصلوا إلى مرحلة دولة من غير رئيس.
الهدف من تنظيم المهرجان الخطابي كان واضحاً، والهدف من الاهتمام بنقله على الهواء مباشرة عبر هذه الفضائية وفضائيات أخرى لبنانية وعراقية كان واضحاً أيضاً، فكل كلمة يعتقد أنه يمكن أن تسهم في الإساءة إلى السلطة في البحرين تجد الاهتمام والرعاية الكاملة من هذه الفضائيات «السوسة» التي ظلت «تلعلع» منذ الساعة التي تم فيها استدعاء أمين عام الوفاق للتحقيق، فكل أخبارها وتقاريرها ومقابلاتها وبرامجها عن البحرين. هم يريدون أن يدخلوا في عقول العامة أن «الحكومة في البحرين ارتكبت إثماً عظيماً» عندما استدعت أمين عام الوفاق وأحالته للنيابة العامة التي أمرت بوقفه سبعة أيام على ذمة التحقيق، فهذا بالنسبة إليهم خط أحمر ومن يتجاوزه عليه أن يحتمل ما قد يأتيه بسبب ذلك.
لكن مثل هذا المهرجان وغيره من فعاليات أقيمت في الأيام الأخيرة تعاطفاً مع جمعية الوفاق وتنديداً بتوقيف أمينها العام كشفت متانة العلاقة بين هذه الجمعية والعديد من الجهات في العديد من الدول، فتبين أن هذه الجمعية لا تعمل لوحدها وإنما هي جزء من منظومة، إن اشتكى منها عضو تداعى له سائر أعضاء المنظومة بالسهر والحمى.
هذه الهبة وهذه الدعوات المتتالية للإفراج عن أمين عام الوفاق «فوراً ومن دون شروط» ما كان لها أي داع لأن الموضوع من أساسه بسيط. مواطن بحريني تم استدعاؤه للتحقيق معه في أمور قانونية، استجاب للتحقيق وأحيل إلى النيابة العامة التي حققت معه ورأت أن الأمر يستدعي توقيفه سبعة أيام على ذمة التحقيق حسب القانون.
رد الفعل المبالغ فيه من جمعية الوفاق والجمعيات التي صارت في جيبها وتلك المتعاطفة معها والداعمة لها من الخارج لم يكن له أي داع ولا مبرر سوى أن كل هؤلاء كانوا ينتظرون الفرصة ليهبوا و»يسبوا».
بيانات شجب واستنكار وتنديد، مهرجانات خطابية تنقل على الهواء مباشرة، اعتصامات تنفذ هنا وهناك، مظاهرات محدودة العدد في القرى، تصريحات نارية عبر الفضائيات السوسة، وغير هذه من أمور، كلها لم يكن لها أي داع لأن الموضوع نفسه صغير ولا يستوعب ولا يحتاج إلى كل رد الفعل هذا.
لكن طالما أن كل هذا وغيره قد حصل فإنه لا يعني سوى أن الوفاق ومسانديها في الخارج اعتبروا الأمر فرصة لعلهم يربحون منها ولو بالإساءة إلى البحرين، فأي كلمة تقال، وأي بيان يصدر يعتبرونه انتصاراً لهم طالما أنها تحتوي على كلمة تغضب البحرين.
الوفاق استفادت من موضوع إحالة أمينها العام للنيابة ووظفت كل ذلك إعلامياً لصالحها. خسارتها الوحيدة هي أنها انكشفت أمام العالم الذي فوجئ بحجم ونوع العلاقة التي تربط هذه الجمعية بـ»حزب الله» في لبنان إلى الحد الذي لم يتأخر فيه أمينه العام المساعد عن التعبير عن تعاطفه ودعمه لها عبر مهرجان خطابي ينقل على الهواء مباشرة ويتضمن رسائل تهديد واضحة