مجرمو حرب، وسفاكو دماء، هولاكيون، وتتاريون، أولئك الذين يطالبون البحرين بإطلاق سراح علي سلمان، هؤلاء الذين قتلوا الملايين بأبشع الطرق والأساليب، هؤلاء الذين قتلوا علماء الدين وسجنوهم وعذبوهم واغتصبوهم. اليوم يظهرون علينا، ويطالبون البحرين باحترام من سموهم «علماء الإسلام»، ومنهم المدعو نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق الذي بدأ بيانه بآية من آيات الله، «وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد»، والذي طالب فيه بالإطلاق الفوري لعلي سلمان، وهنا التعجب من الشاكلة المارقة الفاسدة التي سفكت دماء العراقيين -أكثر من مليوني عراقي- وذبحت ميليشياتهم الشعب السوري، اليوم يخرجون علينا بضلال مبين، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل من سفكت دماءهم يا نوري في نظرك كفار، أو أن انتقامكم منهم هو ما جاء في الآية الكريمة التي ذكرتها في بيانك؟!
والأمر لم يقتصر عند فرعون العراق، بل خرج علينا «عبداللهيان» الآخر الذي يعيث جيشه فساداً في سوريا والعراق، هذا الذي يقتل حرسه الثوري شعب الأحواز، ويهدم مدارسهم ومساجدهم ويحرق مزارعهم ويقتل علماءهم، يطالب البحرين اليوم بإطلاق سراح علي سلمان، ولابد أن نذكره هو الآخر، ونقول له ماذا فعل ليس في معارضيه، بل في من شكك في نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2009، الذين لم يستقووا بجهات أجنبية، ولم يستغيثوا ببعثات أجنبية، ولم يطرقوا باب كونغرس، ولم يخرجوا على قنوات فضائية عربية أو أجنبية، ولم يطالبوا بإسقاط نظام، ولم «يشتموا»، ولم يحطوا من شأن قادتهم، بل كانوا محبين لوطنهم، يقفون صفاً واحداً مع نظامهم، وذلك مثلما حصل لكروبي وموسوي، حيث فرض عليهما النظام الإيراني الإقامة الجبرية منذ 2009، دون مثولهما أمام القضاء، أما مساعد قائد الحرس الثوري حميد رضا فقد قال في بيان له «وفقاً للأحكام القضائية فإن العقوبة التي يستحقها مير حسين موسوي ومهدي كروبي «زعيمان إصلاحيان»، هي عقوبة الحد، والتي تنطبق عليها في هذه الحالة، عقوبة المفسد في الأرض»، موسوي وكروبي لم يقودا انقلاباً ولم يتآمرا على نظامهما، بل كانا من المؤيدين والمشاركين في الانتخابات، كما إنهما لم يفتيا لأتباعهما بالسحق والقتل للحرس الثوري.
لم يتوقف الأمر على موسوي وكروبي وزوجتيهما، بل حظرت إيران وقتها على مواطنيها أي اتصال بـ60 منظمة غربية، وبوسائل الإعلام الأجنبية وبعدد من المواقع الإلكترونية، ومن هذه المنظمات «هيومان رايتس ووتش»، وعدم الاتصال بأي من المواطنين الأجانب والسفارات الأجنبية، كما أصدرت محكمة إيرانية حكماً بالسجن لمدة 8 سنوات إضافةً إلى 34 جلدة على عدد من الصحافيين الإيرانيين ومن ثم إغلاق صحيفتهم «سارماية» لمجرد انتقادهم سياسة نجاد الاقتصادية.
إذن لم تلبس أي حكومة في العالم معارضيها الورود، ولم تأخذهم بالأحضان وبين الأكمام، بل كل حكومات الدول المتقدمة والمتأخرة، القديمة والحديثة، جميعها تعمل وفقاً لقوانينها وتطبيقها دون حالة استثنائية على كل من يخرج عن حدوده السياسية، سواء كان في دولة أفريقية أو غربية، ولا تنتظر دولة في العالم شهور وسنوات لمحاكمة قادة إرهاب أو محرضين أو ميليشيات أو عصابات، فكيف إذا كانوا سبباً في قتل الأنفس وترويع العباد وضياع البلاد، فبالطبع وبالتأكيد ليس هناك قانون بشري ولا شرع إلهي، يأخذ الرأفة بالمجرم والمفسد، فكل القوانين تدين الإرهاب والخروج على الحكام.
إن هذا التباكي اليوم من إيران والعراق على علي سلمان، لهو الدليل القاطع أن علي سلمان هو ذراع إيران في البحرين، وما مطالبته بالديمقراطية، ألا تغطية وتمويه للوصول إلى ولاية الفقيه، التي كم تغنى فيها ومجد حكامها، فأي مواطنة هذه وأي وطنية هذه التي يقوم فيها شخص يحمل الجنسية البحرينية بتنفيذ مؤامرة إيرانية، شخص تربى على خير البحرين، ولم يصل إلى ما وصل إليه ألا ببركة العيش في هذه الأرض، التي آوته وتحملت ضلاله وصبرت على أفعاله سنوات، لكنه لم «ينقع» في عينيه شيء، وبالتأكيد لن «ينقع» في عينيه شيء، فهو متيم حباً وولاء لإيران، ونظن أن الشعور بينه وبين حكومة إيران والعراق متبادل ومتكامل، وما هذه البيانات والمناشدات والوساطات التي لم تقتصر على نوري ولا قوري ولا عبداللهيان، بل حتى السيستاني، خرج علينا يتأوه، ويتوجع، السيستاني الذي لم يؤلمه ولم يحرك لسانه دماء العراقيين التي تسفك ليل ونهار، ولم يحركه أمر اللاجئين العراقيين الذين يبيتون في الصحراء، دون ماء ولا غطاء، ولا السجناء الذين بكت عليهم حتى جدران السجون من صراخهم وأوجاعهم. نعم، العراق تنزف دماء منذ 2003، لم يتحرك فيها لسان خامنئي ولا السيستاني ولا الجعفري ولا العبادي، اليوم فقط هذه الألسن تتحرك وتمتد، لأن هذا الرجل ليس يعنيها فحسب، بل هو من تعتمد عليه اعتماداً كلياً على تنفيذ مخططها الذي كان يقوده بكل هدوء وأريحية، نعم إنهم يعتمدون عليه فهناك خطط لم ينفذها بعد، ولازالوا في حاجة إليه، ليس حباً فيه، ولا خوفاً عليه، بل هي المصلحة الإيرانية، التي تقتضي المحافظة عليه، لحين الإنتهاء منه، متى ما انتهت صلاحيته، سيفعلون به مثلما فعلوا في «مغنية» وغيره.