الشراسة التي اتسمت بها تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان عند حديثه للفضائيات عن توقيف أمين عام الوفاق تضر بالوفاق وتؤثر سلباً على العلاقة بين البلدين، فالدفاع عنه بهذه الطريقة الهستيرية لا توصل إلى المتلقي إلا معنى واحداً هو أن هذا الشخص «ولدنا» و»أننا لن نسمح بأن تمس شعرة منه»، وفي هذا فضيحة للوفاق.
عبد اللهيان قال إن «خطوة توقيف أمين عام الوفاق والتحقيق معه خطوة غير مدروسة»، وقال إن «البحرين لا تستطيع تحمل تبعات هذه الخطوة»، وإن الاستمرار فيما وصفه بـ «بسياسة العنف والقمع الخاطئة تدفع المعارضة إلى الابتعاد عن الأساليب الديمقراطية». كذلك قال إن «إقدام البحرين على هذه الخطوة المتسرعة بمثابة دعم للمتطرفين في هذا البلد». وكأن عبد اللهيان بهذه التصريحات يلوم حكومة البحرين على أنها لم تستشره قبل أن تقدم على تطبيق القانون على أحد مواطنيها، فلربما كان له رأي آخر!
طبعاً لم يبق إلا هذا!! أن تحصل البحرين على إذن من إيران لتسمح لها بالتحقيق مع أحد «أولادها» المعتمدين في البحرين!! وإلا تكون قد تسرعت وخطت خطوة غير مدروسة، لا تستطيع تحمل تبعاتها، وأن هذه الخطوة ستبرر لـ «المعارضة» الابتعاد عن السلمية!!
لم يكتف عبد اللهيان بكل هذا وإنما اعتبر التحقيق مع أمين عام الوفاق وتوقيفه «يتعارض مع استقرار المنطقة»، في محاولة واضحة لإيهام العالم بأن للوفاق وزناً كبيراً في المنطقة، وهو في واقع الحال غير صحيح، فالوفاق ليست إلا جمعية سياسية لا يزيد عدد أعضائها عن الألفين وخسرت كثيراً من مناصريها بعد سلسلة الأخطاء التي أوقعت نفسها فيها في الأحداث الأخيرة.
ما تسعى إليه إيران اليوم بهذه التصريحات وهذه الوقفة مع الوفاق وأمينها العام هو إيهام العالم بأن جمعية الوفاق ذات شأن عظيم وأن من يتجرأ فيدوس لها على طرف سيجد إيران له بالمرصاد.
ليس أفضل ولا أحلى من هكذا فرصة لتعبر إيران من خلالها عن دعمها لولدها «المدلل»، وليس أفضل ولا أحلى من هكذا فرصة لتوصل إيران من خلالها ما تشاء من رسائل إلى «المعارضة»، تحتوي برنامج العام الجديد الذي يبدأ بعد شهر ونصف من الآن، وليس أفضل ولا أحلى من هكذا فرصة لتهاجم فيها إيران البحرين بعيداً عن الدبلوماسية وعباراتها، ففي حدث كهذا تعتبره إيران بليغاً لا بأس من القول إن «البحرين تسرعت في قرارها وإنها أقدمت على خطوة غير مدروسة وإنها لا تستطيع تحمل تبعات خطوتها»، ولا بأس من تمرير بعض التهديدات مثل إن «هذه الخطوة ستدفع المعارضة إلى انتهاج وسائل بعيدة عن الديمقراطية» أي أنها ستمارس العنف لحظة تلقيها الأوامر.
من بيروت انبرى مساعد أمين عام «حزب الله» ليدافع بشراسة عن الوفاق وأمينها العام ويهدد ويتوعد، ومن بغداد انبرى زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر ليدافع بشراسة عن الوفاق وأمينها العام ويهدد ويتوعد، ومن طهران انبرى عبد اللهيان وآخرون ليصبوا الأمر نفسه في القناة نفسها. هنا هو الاستعجال الذي أدى بهم إلى فضح أنفسهم. ربما لم يكن الأمر يستدعي فتح كل هذه الأوراق، لكنهم فتحوها سريعاً، يبدو أنهم ظنوا أن الموضوع كبير بالفعل، وأنه ليس مجرد توقيف، لزوم التحقيق من قبل النيابة العامة.
هذا الاستنفار غير العادي من هذه الدول والجهات والأفراد يدفع إلى التساؤل عن طبيعة العلاقة فيما بينها وبين الوفاق وأمينها العام، والتساؤل كذلك عما إذا كان هناك تخوف من أن يعترف أمين عام الوفاق بما لا ينبغي الاعتراف به، على الأقل في هذه الفترة؟!