يوم الثلاثاء سيكون يوم تاريخي في البحرين، حيث سيقف سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أمام الغرفة المنتخبة انتخاباً حراً ومباشراً من السلطة التشريعية ليلقي على مسامعها برنامج عمل الحكومة.
منذ تأسست الدولة البحرينية الحديثة.. ومنذ دخل الشيخ أحمد الفاتح البحرين أي منذ أكثر من 200 عام.. هذه هي المرة الأولى التي ستطلب الحكومة موافقة الشعب على برنامجها حتى تتمكن من إنجازه، فإن لم يجزه استقالت الحكومة احتراماً للإرادة الشعبية.
إنها خطوة هامة وتقدم نوعي كبير على مستوى المنطقة، كلها يضع الحكومة في دولة خليجية لأول مرة أمام أداة رقابية مسبقة يستطيع من خلالها مجلس النواب أن يراقب أداء الحكومة قبل أن تبدأ وترهن هذه الأداة الثقة بالحكومة في قرار التصويت الشعبي على برنامجها, و سيترتب على رفضه استقالة الحكومة قبل ان تبدأ!
هذه مرحلة من مراحل النمو الديمقراطي تضع البحرين في مكانة تسبق فيها دولة الكويت التي بدات العمل بالدستور الديمقراطي منذ الستينات أي سبقتنا بنصف قرن، فالحكومة الكويتية تعرض البرنامج على مجلس الأمة و لكن لا يصوت المجلس عليه.
من المهم جداً أن ننظر إلى هذه الخطوة على أنها تهدف إلى «الإجادة» في الأداء أكثر من كونها فرصة للصراع والصدام بين السلطات وتسجيل أهداف، خطوة تدفع السلطة التنفيذية إلى الحرص على الجودة حين وضع البرامج، وتحري الدقة ووضع مؤشرات قياس نوعية وزمنية عليها، تلك الاحترازات التي أدخلت على عمل مجلس الوزراء ستسفيد منها الحكومة أكثر مما سيتفيد منها النواب. فهي لا تترك البرامج عائمة نوعاً وزمناً لتقدير الحكومة وحدها، مما يجعل التراخي في الإنجاز وارد، حيث لا التزام مسبقاً ولا محددات ولا سقف، ولا عجب إن كانت أبرز ملاحظات ديوان الرقابة المالية على أداء الحكومة هو تأخر إنجاز أكثر من 50% من برامجها، بل إن بعض الوزارات لم تنجز سوى 20% فقط!! مما دفع مجلس الوزراء إلى تشكيل لجنة متابعة إثر تقرير ديوان الرقابة المالية للبحث في أسباب هذا التأخير والعمل على استكمال ما تبقى منها.
التعديل الدستوري سيخدم ويفيد وينفع السلطة التنفيذية، وذلك بإلزامها بتقديم برنامجها مصحوباً بمؤشرات القياس، فلا تعتبر الحكومة أن وجود هذه المؤشرات سيفاً مسلطاً عليها، وإنما عليها أن تعتبره محددات وأطراً تسهل عليها متابعة إنتاجها بنفسها وتقيمها بشكل دوري ربع سنوي حتى تضمن لنفسها أنها تسير وفق تلك المؤشرات.
وتحد تلك الأداة في ذات الوقت من تغول السلطة الرقابية عليها بإلزام حتى السلطة الرقابية التي وافقت مسبقاً على برنامج الحكومة بحدود رقابتها وبعدم مطالبتها بالمستحيل وبما هو خارج إطار البرنامج المتفق عليه، بل إن تلك الأداة تجعل من السلطة الرقابية شريكاً في إقرار البرنامج وشريكاً بالتالي في تحمل نتائجه سلباً أو إيجاباً.
بهذا النظام السياسي ممكن للبحرين أن تكون رائدة لا في مراحل تقدمها الديمقراطي على المنطقة فحسب، وإنما رائدة في النهضة الاقتصادية إن هي وظفت تلك الآليات الديمقراطية الجديدة في ما يجب أن يتنافس المتنافسون عليه. فهذا ما ينتظره المواطن البحريني كي تعوضه تلك الآلية ما فاته، إذ علينا أن نتذكر فقط أن الآليات الديمقراطية تظل مهما تطورت وعدلت وزادت صلاحياتها أو قصرت، تظل وسيلة لا هدفاً بحد ذاتها، فلنركز على الأهداف ونحن نستخدم الأدوات.
ملاحظة على الهامش:
الجمعيات (إياها) ضحكت على جماهيرها -إما عن جهل أو عن علم وسابق أصرار وترصد بهدف التضليل- وأخبرتهم أنها رفضت التعديل الدستوري لأن فحواه هو أن الملك يحل مجلس النواب في حال رفض برنامج الحكومة، و لم تخبرهم إن رفض النواب البرنامج سيترتب عليه استقالة الحكومة.
الملاحظة الثانية
أصدقاء خليجيون لأعضاء الجمعيات (إياها) وزملائهم في (النضال) فوجئوا بنص هذه المادة الخاصة ببرنامج الحكومة واعتبروها مادة متقدمة جداً ونوعية.. يلومون رفاقهم البحرينيين لا على رفضهم الدخول للانتخابات فقط بل يلومونهم حتى على تضليلهم هم.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}