كل عام يعيش الأطباء الجدد على تخبطات وقرارات غريبة وغير مستقرة، ففي خلال المرحلة السابقة فقط، تم تغيير أكثر من رئيس لقسم التدريب بوزارة الصحة، وكل واحد منهم يأتي بقرارات جديدة ومشوشة، مما يربك حركة التوظيف والتدريب بالوزارة، ولربما تكون الصحة على علم بكل هذه التفاصيل المؤلمة، لكنها لم تتحرك يوما لاستقرار القوانين والأنظمة بقسم يعيش تحت ترنحات في كل عام، بل في كل ساعة. هي ليست مشاكل جديدة وليست طارئة، فمع كل عام جديد يتلقى الأطباء القدامى والمستحدثين مجموعة من القرارات والقوانين الإرتجالية، تجعلهم في»حيص بيص» من أمرهم، فلا هم مستقرون، ولا قسم التدريب ثابت في قراراته، وبين هذا وذاك تضيع حقوق وجهود الأطباء.
اليوم ومع تعيين رئيس جديد لقسم التدريب، أصبح من الصعب جداً أن يلتقي بالأطباء الجدد، إمَّا بسبب انشغاله بمعالجة الأخطاء والكوارث السابقة، أو بسبب عدم إمكانيته إقناع الكثير من الأطباء حول ما يجري في قسم التدريب من فوضى غير خلَّاقة على الإطلاق.
إن من أكبر التحديات التي تواجه رئيس قسم التدريب الجديد في وزارة الصحة، هي مسألة ترتيب وتهيئة الجو لتوظيف مجموعة جديدة من الأطباء المستحدثين للعام 2015 والأعوام القادمة، ومن ثم تسكينهم في وظائفهم التي يجب أن يستقروا فيها كأبناء مخلصين للبحرين، لكن ما يحدث هو العكس تماماً.
في الأسطر القادمة، سنلخص أهم معاناة الأطباء الجدد الذين ينتظرون فرصة التوظيف في مستشفى السلمانية الطبي وبقية المراكز الصحية في البحرين، وسننقل معاناتهم بألسنتهم وعلى الجميع الحكم بالعدل في هذه القضية.
* وزارة الصحة البحرينية، هي الوزارة الوحيدة في العالم التي تجري امتحانات قبول للأطباء، بعد أخذهم رخصة مزاولة المهنة!!
* هناك أطباء تم توظيفهم من دون امتحانات وجرى توظيفهم من تحت الطاولة، أما الذين ينتظرون التوظيف، فإنهم أكملوا كافة إجراءات التوظيف، ولم يتم توظيفهم أو الاتصال بهم حتى كتابة هذه الأسطر.
* في شهر 7 من كل عام، تعلن الصحة عن قبول توظيف الأطباء الجدد، أمَّا اليوم، فإننا دخلنا العام الجديد من دون الإعلان عن أيَّة وظيفة رسمية!
* الأطباء المستجدون من الذين لم يتوظفوا حتى هذه اللحظة، قد تخرجوا منذ عام 2012، بمعنى أنهم أكملوا عامهم الثاني من دون عمل.
* هؤلاء الأطباء سوف تنتهي مدد رخصهم الطبية «الليسن» قريباً جداً، وهم لم يتوظفوا بعد!
* كل الأطباء المنتظرين للتوظيف يتساءلون، لماذا لم يعلن قسم التدريب عن عدد ونسبة الشواغر هذا العام؟ مما يضع أمامهم وأمامنا ألف علامة استفهام!!
* هناك أنباء شبه مؤكدة تشير إلى أن الوزارة سوف توظف 27 طبيباً فقط من ضمن 127 طبيباً هذا العام، فإذا كان هنالك 14 تخصصاً، فهذا يعني أن هنالك طبيبان فقط لكل قسم!
* لا يوجد هذا العام أي شاغر لقسم الباطنية، وهذا أمر مستغرب، لأن هذا القسم، مازال يعاني نقصاً حاداً جداً في الأطباء، فلماذا لم يعلنوا عن الشواغر فيه؟
* البحرين، هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تقوم بتسكين الأطباء بعد توظيفهم حسب رغباتهم، وإنما حسب ما تختاره وزارة الصحة لهم، وهذه من كوارث التدريب والمهنة.
* لماذا هذا العام دون ما سواه، يجبر قسم التدريب كافة الأطباء على اختيار التخصص الذي يريده القسم، أو عدم تقديم امتحان لقسم طب العائلة؟ بمعنى، أو هذا أو ذاك؟ من شرَّع هذا القانون الجديد هذا العام؟
* هناك موظفون في قسم التدريب لا يحسنون حتى الحديث مع الأطباء الجدد، ممن يراجعونهم حول أحقيتهم في التوظيف، حتى أن أحدهم أخبر بعض الأطباء حين زارهُ لمراجعة توظيفه قائلاً: «إقبل بالوظيفة التي سوف تُعطى لك دون نقاش «واحمد ربك»، وإلا سوف تجلس عام آخر في منزلك، أو أن تختار العمل في دولة غير البحرين!
الآن، هناك بعض الأطباء يعملون في مستشفيات خاصة تحت ظروف صعبة، وفي كل يوم يتلقون مجموعة من الإهانات من طرف تلكم المشافي الخاصة وملَّاكها، وبعضهم يعاملون كعمال نظافة، أمَّا البقية منهم، فإنهم يعملون في محلات لبيع الملابس في المجمعات التجارية والأسواق، بسبب الظروف المادية القاهرة التي يعيشونها، فهل ستدرك وزارة الصحة هذا الأمر فتشعر بأبنائنا الأطباء؟ وهل سيقرأ وزير الصحة هذا المقال ليضع حلا نهائيا لهذه الأزمة؟ أم أنهم سيلزموننا الكتابة في هذا الشأن مرة أخرى وبطريقة أخرى؟ هذا الذي لا نتمناه، وكل ما نتمناه، هو أن تقوم الصحة مشكورة بتوظيف كل الأطباء دفعة واحدة، «وكفى الله المؤمنين القتال».