من حق الوفاقيين أن يعبروا عن عدم رضاهم على توقيف أمينهم العام، فيخرجون في مظاهرات ومسيرات، وينفذون الاعتصامات ويشعلون الشموع، ويفعلون كل ما يرونه معيناً على التعبير عن حبهم له، وغضبهم مما يجري عليه. من حقهم أن يرفعوا الشعارات المؤيدة له، والمنددة بقرار احتجازه، ومن حقهم أن يرفعوا صوره، وينادوا بإطلاق سراحه، ومن حقهم أيضاً توظيف كل هذا إعلامياً، فيصرحون للفضائيات بما يشاؤون، ويغردون ويستفيدون من مختلف وسائل الاتصال والتواصل، فكل هذا يكفله الدستور. لكن في المقابل من حق الحكومة أن يتم كل ذلك حسب القانون، الذي يوفر الحماية للآخرين أيضاً، ويمنع تعطيل حياتهم، ويمنع التخريب وتكسير القوانين والتجاوز.
هذه هي المعادلة المعتمدة في البحرين، مارس حقك الذي يكفله لك الدستور وينظمه لك القانون ولا عليك من أحد، لكن لو تجاوزت النظام، فهذا يعني أنك فرطت في حقك ووفرت المبرر لعقابك. من هنا فإن رجال الأمن لا يتصدون إلا للمخالفين للقانون، الذي مهمته حفظ الأمن، وحماية المجتمع بجميع أفراده، فطالما أن المسيرات والمظاهرات مرخصة، ولا ينتج عنها أذى، فإنها تنتهي على خير، وتصل الرسالة المرجو منها إلى الجهة المعنية، من دون عوائق، وطالما أن التعبير بصوره المختلفة كان حضارياً، ولم تحدث خلاله اعتداءات على المصالح العامة أو الخاصة، فلا نتيجة لنهايته سوى أن تكون طبيعية، لكن إن خرجت عن المرسوم لها وعن أهدافها تغير الحال، وتغيرت النتيجة.
من حق الوفاقيين أن يعبروا كيفما شاؤوا عن حبهم لأمينهم العام، وعن عدم رضاهم من تعريضه للتحقيق لدى النيابة العامة، لكن من حق الدولة أيضاً أن تخضع كل مواطن للتحقيق، ولسؤال النيابة العامة. هذا هو الوجه الحضاري المشرق للبحرين. حقك مكفول، طالما لا يتعارض مع القانون، ولا يتأذى منه الآخرون، والكل أمام القانون سواسية.
لولا أن مخالفات حدثت في المظاهرات التي خرجت في الأيام الأخيرة، لما تعامل معها رجال الأمن، حسب ما يقتضيه القانون، ولما حدثت مواجهات. المظاهرات طالما أنها مرخصة، وتنفذ حسب القانون، وليس فيها تجاوز، تنتهي بسلام، فتصل رسالتها بهدوء، ويرتاح منها كل ذوي العلاقة. هذه حقيقة ينبغي التأكيد عليها، لأنها أساس الوجه الحضاري الذي يميز البحرين عن كثير من دول العالم التي ترفع الشعارات وتحاربها.
أما ما هو ليس من حق الوفاق، فهو السعي للإساءة إلى البحرين، تحت أية ذريعة، فلا يجوز تناول الدولة بسوء في الفضائيات التي لا تتردد عن استغلال كل ما ترى أنه يعينها على تحقيق أهدافها، فليس من حق الوفاقيين التجاوز بالكلام، بحجة التعبير عن الغضب أو عدم الرضا، كما هو حاصل هذه الأيام في الفضائيات السوسة، وعلى الخصوص فضائية «العالم» الإيرانية، التي لا تزال تعتبر تدخلها في الشأن الداخلي البحريني حقاً لا يجوز التفريط فيه.
الدولة لا تعادي الوفاق، ولا غير الوفاق، الدولة تمارس حقها ليس إلا. هذه الحقيقة ينبغي أن تدركها الوفاق جيداً، لأنها أساس مهم على ضوئه تتطور الأحداث. الوفاق تعمل تحت مظلة القانون وأعضاؤها مواطنون يخضعون للقانون، أي أن من حق الدولة أن تحاسبهم، مثلما أن من حقهم أن يحصلوا على حقوقهم التي يكفلها الدستور. هذا يعني ببساطة أن كل طرف له حقوق وعليه واجبات. كما أن من حق الوفاق أن تعبر عن كل ما تريد التعبير عنه، بالوسائل التي يكفلها الدستور، وينظمها القانون، فإن من حق الدولة أيضاً أن تحكم تصرفات الوفاق، وغير الوفاق، لتضمن تطبيق القانون، وعدم تجاوز الدستور.
في البحرين، حقوق الوفاق وغير الوفاق، وحقوق الحكومة محفوظة