صورتان مثيرتان برزتا وسط الأحداث المحلية الأخيرة والتي تصدرها خبر توقيف أمين عام جمعية الوفاق؛ الأولى لاعتصام باكستانيين في كراتشي تضامناً مع الوفاق ودفاعاً عن أمينها العام، والثانية صورة شخصية تم نشرها على الإنستغرام لنبيل رجب عنونها بـ»يسألني بعض الزملاء ما هو سر ابتسامتك الدائمة». صورتان تثير أولاهما السؤال عن العلاقة بين الطرفين بينما تستدعي الأخرى العديد من الأمثلة الشعبية.
أتفهم أن يخرج بعض الناس في البحرين في مسيرة تطالب بإطلاق سراح أمين عام الوفاق، وأتفهم دخولهم في مواجهات مع رجال الأمن من أجل هذا المطلب، كما أتفهم أن ينفذ البعض في العراق وإيران ولبنان وحتى لندن تجمعات تطالب بالأمر نفسه، لكنني لا أتفهم أبداً أن يخصص إمام الجمعة في أحد مساجد باكستان خطبته للحديث عن الوفاق وتوقيف أمينها العام والتصريح بعد الصلاة للفضائيات، وصولاً إلى توجيه الانتقادات لحكومة البحرين والمطالبة بإطلاق سراح سلمان، ولا أتفهم تنفيذ المصلين هناك لاعتصام بعد الصلاة تفوق نسبة المشاركين فيه من الأطفال دون سن التكليف الثمانين في المائة. لم يبق إلا تحريك أئمة المساجد في الصومال وجيبوتي وزيمبابوي لتكتمل الصورة. وإذا كان بالإمكان بطريقة أو بأخرى تفهم هذا وذاك فكيف يمكن للمرء أن يتفهم ترويج نبيل رجب لنفسه وسط كل هذه «الغولة» والادعاء أنه دائم الابتسام؟
مثير أن يحدث كل هذا خصوصاً وأن الموضوع من الأساس لا يحتاج إلى كل هذا، فالقصة وما فيها هي أن الدولة أرسلت للتحقيق في أقوال صرح بها أمين عام الوفاق هو مسؤول عنها، وكل هذا يتم تنفيذاً للقانون الذي تطالب به الوفاق نفسها ومن خلال النيابة العامة. مثير أيضاً أن يختزل البعض مطالبه وحراكه الذي كلف الأبرياء كثيراً في إطلاق سراح علي سلمان، فهل لو أطلق سراحه سينتهي كل شيء؟
كل هذا يجر إلى سؤال عما إذا كان الجماعة قد أفلسوا حقاً؟ ذلك أن ما يقومون به اليوم لا تفسير له غير هذا، فليس منطقاً اختزال حركة على وشك أن تكمل عامها الرابع وكلفت الكثير من الضحايا في توقيف شخص واحد ينتمي إلى حزب معين، خصوصاً وأن هذا الحزب لا يحظى بقبول كل الفرقاء في الحراك، فهناك من يرى أن الوفاق دخلت على الخط لتحصد نتاج جهد الآخرين من دون أن تبذل أي جهد، وهناك من لا يعترف أساساً بهذه الجمعية ويعتبرها انتهازية وليس لها أي حق.
كما أنه ليس منطقاً دفع البسطاء للخروج في مظاهرات تنتهي بمواجهات مع رجال الأمن من أجل إجراء هو في كل الأحوال أحد مطالب الناس، فما جرى لعلي سلمان ليس تعسفاً ولكنه إجراء قانوني بحت وتحقيق تقوم به النيابة العامة التي لا يمكن أن تباشر مثل هذه الخطوة لو لم يكن هناك ما يبررها قانوناً.
كل ما أخرجوا الناس بسببه في الأيام العشرة الأخيرة لم يكن مقنعاً، فما جرى لسلمان يمكن أن يجري لأي مواطن ولكل من يشتغل سياسة، إلا إن كانوا يعتقدون أن على رأس أمين عام الوفاق ريشة أو أنه يمتلك حصانة.
الواضح هو أن الوفاق اعتبرت الموضوع فرصة لاختطاف الشارع الذي لم يعد لها فيه وزن يذكر، وفرصة لاختبار قدرتها في تحريك عناصرها في الخارج، وربما التأكد من مدى التزام بعض الدول بما تنثره عليها من وعود بين الحين والحين، وإلا فإن الموضوع عادي جداً ولا يستحق كل هذه الضجة التي لم يعرف لها سوى نبيل رجب الذي نشر صورته وتساءل دهشاً عن سر ابتسامته الدائمة!