اختصر رئيس الوزراء، صاحــب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، المشكلة مع إيران في قوله لمجلة «الرسالـــــة الدبلوماسيـــــة» الفرنسيــــة»؛ نريد من إيــران حسن الجوار.. وأن نلتزم جميعاً بمبادئ العلاقات الدولية وفـي مقدمتهــا عــدم التدخــل فـي شؤون الغير، فنحن لا نتدخل في شؤون غيرنا ومن حقنا في المقابل ألا يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، فهي أمر يخصنا وحدنا، أي أن مشكلتنا مع إيران هي أنها تتدخل في شؤوننا الداخلية وهذا لا يجوز ولا يليق ومرفوض.
تسمــع إيران هذا الكلام الذي عليه ألــف دليل ودليل فتقول بصوت عال وبعد أن تتصنع الدهشة إنها لا تتدخل في شؤون أحد! هذا يعني أن إيران تعاني من مشكلة أخرى.
منـــذ توقيف أمين عام الوفاق وإيـــران غير قادرة على ضبط نفسها وتبدو كما الملـدوغ، فمنذ ذلك الحين والتصريحـــات التي تؤكد تدخلها في شؤون البحرين في ازدياد، مرة على لسان مساعد وزير الخارجية الذي وصل حد القول إن البحرين غير قادرة على تحمل تبعات توقيف أمين عام الوفاق، ومرة على لسان وزير الخارجية، وثالثة على لسان علماء دين وعبر خطب الجمعة التي يشحنون بها العامة ليخرجوا في مسيرات وينفذوا اعتصامات، ورابعة على لسان فلان وعلان وفلتان، وإلا ما علاقة إيران بمسألة داخلية تتعلق بتحويل مواطن بحريني إلى النيابة العامة وتوقيفه على ذمة التحقيق لعدة أيام؟ ما علاقة إيران بهذا حتى لو كان المعني هنا يمثل جمعية سياسية أو دينية؟ أم أن هذه الجمعية ليست بحرينية؟ أم أنه يكفي أن الجمعية تنتمي إلى مذهب معين لتعتبرها محسوبة عليها؟
مشكلة إيران أنها تتدخل في شؤون الغير وتعتقد أن أحداً لا يراها. واضح أنها تفترض أن الآخرين عمي. التدخل ليس أخضر ولا أحمر ولا حتى أصفر، التدخل تدخل، وهو هنا واضح وضوح الشمس وعليه ألف دليل ودليل. أما إذا أخذنا فضائية «العالم» الإيرانية كمثال فحدث ولا حرج، وإلا ما علاقة هذه الفضائية بما يحدث في البحرين إلى الحد الذي خصصت فيه منذ أكثر من أربع سنوات برنامجاً يومياً لمدة ساعة كاملة يبث على الهواء مباشرة ويستضيف كل من يرغب في توجيه الانتقادات والشتائم إلى البحرين قيادة وحكومة؟ أليس في هذا تدخلاً؟ أليس هذا تدخلاً سافراً في شؤون البحرين؟ وهل ستعتبر إيران أن الأمر عادي لو أن البحرين خصصت برنامجاً يومياً مماثلاً عن إيران ولن تحسبه تدخلاً في شؤونها؟ (إيران تعتبر الحديث العابر عن عمليات الإعدام اليومية التي تنفذها في المناوئين لها تدخلاً غير مبرر في شؤونها).
ليس مقبولاً من إيران أبداً أن تدس خشمها في أمور لا تخصها. البحرين دولة مستقلة وهي جارة لها، وحق الجار على الجار. البحرين لا تريد من إيران سوى حسن الجوار. البحرين لم تتدخل قط في شؤون إيران، وبالتالي فإنها تتوقع من إيران ألا تتدخل في شؤونها، وهذا حقها. هكذا ببساطة عبر صاحب السمو رئيس الوزراء.
لولا التدخل الإيراني في شؤون المنطقة لاستفادت إيران كثيراً ولاستفادت دول المنطقة كلها ولانتفع الجميع من دون استثناء. هذه حقيقة تنكرها إيران ولكن يؤكدها الواقع. إيران تريد أن تمارس دور شرطي الخليج. تريد أن تستعيد دورها أيام الشاه محمد رضا بهلوي. لم تنتبه إلى أن الزمن تغير وأن دول مجلس التعاون اليوم مستقلة وأعضاء في الأمم المتحدة، تماماً مثلما أنها لم تنتبه إلى أنها لم تقدم النموذج الذي يمكن أن يحتذى به ويتقبله الآخرون