هناك بعض المواضيع المهمة التي لا تحتاج إلى مقدمات لشرحها وإيضاحها، وأقصد بكلامي هنا ما ذكر في تقرير الرقابة المالية من تجاوزات مالية ترتقي إلى وصفها «بالفساد المالي والإداري».
لن أعيد ذكر التجاوزات والخروقات، لا لسبب سوى أنني أحاول أن «أتناسى» تلك التجاوزات التي استنزفت المال العام، والتي لا يكترث القائمون عليها بتكرارها لعدم وجود عقوبة رادعة.
في الواقع أن بعض ما ذكر في التقرير يعتبر تجاوزات، ولكن بعض الأمور المذكورة هي فساد وهدر واضح للمال العام، فقد ألتمس العذر لبعض الوزارات والهيئات التي تعذر عليها تنفيذ بعض مواد القانون لأسباب تتعلق بشح أي نوع من أنواع الموارد سواء المالية أو البشرية، ولكني لا أستطيع أن أفوت «المصائب» التي ذكرها التقرير، لاسيما وأن الدين العام للدولة في ارتفاع والدخل القومي في انخفاض.
وحيث ألا شيء تغير في تقرير الرقابة سوى عدد صفحاته المتزايدة، والتي تحتوي على تجاوزات أكثر تعبر بأن المسؤولين غير مكترثين بهذا التقرير الذي لا دور له سوى توثيق هذه التجاوزات، دون أن يكون له دور مكمل في معاقبة المتجاوزين.
فهل يعقل أنه وبالرغم من وجود جهة رقابية أن يزداد الوضع سوءاً؟ ولماذا لا يكون هناك جهة مكملة لدور ديوان الرقابة في معاقبة المتجاوزين؟
يقول المثل العربي «لا تبوق ولا تخاف»، أما تقرير ديوان الرقابة فيؤكد عدم صحة هذا المثل، حيث إن المثل يجب أن يتم إعادة صياغته ليكون «بوق ولا تخاف».
وإذا كان العقاب يتمثل في «التأنيب بلغة الدغدغة»، كما ذكرت في مقالاتي السابقة، فلم الخوف من تكرار الغلط.
وإذا كان أقصى عقاب سيسمعه «سعادة» المسؤول هو كلمة «عيب بابا»، فلم الذعر والالتزام بتصحيح الأخطاء وعدم تكرارها.
كل ما أطلبه ألا يركن تقرير الرقابة على الرف بجانب التقارير الأخرى، وألا نقف جميعاً عند حد الانتقاد والجعجعة فقط. بل يجب على نواب الشعب أن يتركوا صراعهم على المناصب وآلية التجليس وطرح الأسئلة عديمة الفائدة والجدوى والتركيز على استحداث آلية لضمان عدم تكرار هذه التجاوزات.
- ملاحظة..
عندما أمر سيدي رئيس الوزراء الموقر بفصل راتب الزوج عن الزوجة، لم يحدد سموه فئة دون أخرى للانتفاع بهذا الأمر، فلماذا تتجاوز وزارة الإسكان تنفيذ أوامر سموه لتحدد بأن الطلبات الجديدة فقط هي من تستفيد من الأمر دون غيرها؟!