قبل نهاية عام 2014 أدرك عديد من الناس والمتابعين تغيراً واضحاً على الساحة البحرينية من ناحية الأمن والاستقرار، إذ رغم وجود بعض الأعمال التخريبية هنا وهناك، وبعض الممارسات التحريضية المعتادة، إلا أن الملاحظ يتمثل بتدني نسبتها وقلة عددها.
اختتمت السنة الماضية بنجاح الانتخابات النيابية التي كانت نسبتها رداً قوياً على من حاول إقناع نفسه بأنه بحجم الدولة البحرينية بمنظوماتها وأجهزتها وحتى غالبية شعبها المخلص، انتهت بتطبيق القانون على المخربين والمحرضين وعدم استمرار السكوت على من «ظن في نفسه» أنه «فوق القانون»، ومنذ ذاك اليوم حتى يومنا الحاضر تمارس البحرين حقها في الرد القوي على كل جهة خارجية تحاول التدخل في شؤوننا، في تأكيد لهيبة وسيادة الدولة التي لا يمكن القبول بأن تتزعزع.
الناس في البحرين تأثروا كثيراً بما حصل في 2011، لذلك كان يلاحظ تزايد رد الفعل الانفعالي ووجود إحباط وقلق، وهذا طبيعي جداً بالنسبة لأي مجتمع اعتاد أن يعيش في أمن وسلام وإذا به يتفاجأ بانقلاب الحال وعليه أخذ يطالب بتطبيق القانون والتعامل بحزم بقوة ودون تباطؤ.
لكن الحكمة في إدارة الأمور هو ما نراه السبب الذي أوصل البحرين إلى وضعها الحالي، هو الذي «عرى» كثيراً من فبركات الكاذبين وادعاءاتهم، وهو ما جعل الناس تعيش لتمارس حياتها ودفع بعض الذين تبعوا جمعيات الانقلاب للانسلاخ عنها والالتصاق بالوطن والتمسك بحقوقهم، وهو الذي أوصل كثيراً من الجهات الخارجية لتستوعب حقيقة الأمر، بالأخص الذين عولوا على تغيير في شكل الدولة، حيث تبين لهم أن «الرهان خاسر» تماماً إن كان على أتباع لإيران وأناس حراكهم طائفي وأهدافهم لا علاقة لها بمطالب الشعب البتة، وطبعاً في النهاية المصلحة تحكم الغرب أكثر.
ربطاً بهذا الكلام نتحدث عن مؤتمر صحافي عقده بالأمس وزير الداخلية الرجل الوطني الفاضل الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مع رؤساء تحرير الصحف وكتاب الرأي، وفيه استعرض جهود وزارة الداخلية خلال السنوات الثلاث الماضية، وقدم الأرقام التفصيلية وخطوات العمل التي قامت بها أجهزة الوزارة، وعمليات التصدي للمخربين والإرهابيين، والكشف عن المخططات الآثمة ضد البحرين، وكيفية التعامل الصحيح المبني على أسس من قبل الداخلية مع كل حالة، وهو ما يدحض الإدعاءات والمزايدات التي تمارسها الوفاق ومن معها وإعلامها بهدف الاستمرار في تضليل الرأي العام الخارجي.
الأرقام بالتأكيد ستكون منشورة اليوم ليطلع عليها الناس ويعرفوا حجم الجهد الذي بذله القائمون على وزارة الداخلية ومنتسبوها، هؤلاء الذين هم «العيون الساهرة» على أمن المجتمع وأهله، وهم الذين ضحوا بـ 14 شهيداً للواجب وأصيب منهم 2887 عنصراً أمنياً وكلها حالات موثقة. هذه الأرقام من المهم أن يتم نشرها على الصعيد الخارجي، من المهم أن تصل لكل سفير بالأخص من يواصل «حشر» أنفه في شؤوننا الخارجية، من المهم أن تصل للمؤتمرات الحقوقية الدولية، وبحسب كلام وزير الداخلية فإن كل ذلك موضوع في الحسبان ومخطط له، إذ الدفاع عن البحرين ليس مقصوراً على رد الفعل والكلام المرسل، بل اليوم الشواهد والدلائل والأمثلة موجودة وموثقة، والأرقام لا تكذب، والمواد المسجلة والمصورة كفيلة بفضح كل إدعاء يهدف لتشويه صورة البحرين.
نحيي وزير الداخلية هذا الرجل صاحب القامة الوطنية الرفيعة، والذي يحق لمملكة البحرين وشعبها أن يفخروا بوجود هذا الرجل القدير الحكيم في عمله على رأس وزارة الداخلية. نحييه على أسلوب إدارته، وطريقة حواره التي تكشف عن شخص واثق من نفسه وثباته الوطني، عارف كيف يتعامل مع أي كان بهدوء وعقلانية، وكيف يرد على من يحاول التشكيك والإدعاء كذباً بردود مفحمة رصينة قوية مدعمة بالأدلة وفيها من الوطنية وثوابتها ما يحرج ويربط لسان من يريد التشكيك أو الإتيان بحديث يسيء للبحرين سواء أكان باللمز أو الهمز أو بشكل مباشر.
نحيي الوزير على قوله الواضح والثابت بشأن إيران وأذيالها وأتباعها، نحييه على قوله: «من ولاؤه لإيران أكثر من ولائه للبحرين فمن الأفضل أن يتوكل على الله ويعيش هناك. البحرين لمن يحبها، من أهلها وممن اكتسب شرف حمل جنسيتها، وحتى الإخوة المواطنون ذوو الأصول الإيرانية الذين اكتسبوا جنسيتها وافتخروا بها».
البحرين مرت في الفترة الماضية بمرحلة اختبارات عديدة على الصعيدين القيادي والسياسي، وهو ما نجحت فيه، وتوج ذلك نجاح الانتخابات، وعززه المضي قدماً في تطبيق القانون، وعدم السماح بغض النظر أكثر عمن يريد استمرار ممارسة الإساءة بحق البلد.
قد لا يعرف الكثير من الناس حجم الجهود التي تبذلها الداخلية و«الكم الكبير» من عمليات التصدي للإرهاب وضبط الخلايا التي شكلت لتنفيذ عمليات في البحرين، وضبط الأسلحة وغيرها، كلها أمور من الإيجابي أن تبرز اليوم وأن يقف عليها الناس ليعلموا بأن هذه البلد بإذن الله محفوظة بتوفيقه لرجال الأمن الأكفاء المخلصين الذين يسهرون ليلهم لينعم المواطن في نومه وحياته.
تحية تقدير كبيرة لوزير الداخلية الذي نهنئ البحرين كدولة ونهنئ أنفسنا كشعب بكفاءته وإخلاصه وتفانيه هو وكل أفراد وزارة الداخلية. البحرين بكم محفوظة وجهودكم وإخلاصكم محل التقدير والامتنان والشكر والعرفان.
أما من يسوؤه فرح أهل البحرين بسلامتها، ومن يسوؤه أن يطبق القانون وأن يردع المحرضيــــن والمخربيــــن، ومـــن يطــــرب لتصريحات الإيرانيين وأذيالهم، فلا نقول إلا: الصراخ على قدر الألم، وما أكبر ألم الخيبة في فشل اختطاف البحرين.