«اشتدي أزمة تنفرجي»؛ مطلع قصيدة منسوبة إلى يوسف بن محمد التوزري التلمساني من تونس، وهكذا يقول العرب دائماً، فليس بعد أن تشتد الأزمة إلا الانفراج. لكن هل ينطبق هذا على أزمتنا في البحرين؟ هذا السؤال يشاغب كل مواطن بحريني، هل إلى خروج مما صرنا فيه من سبيل ومتى سيكون؟ وكيف؟
منطقيـــاً ينتهي الأمر عند جدار، هـــو النهاية، وليس بعد النهاية نهاية، فلا يمكن اختراق الجدار، وليس من طريق سوى بدء الدخول في مرحلة التراجع والحل.
أربع سنوات هي قليلة في عمر الزمن، لكنها كثيرة بل كثيرة جداً في عمر الزمن البحريني الذي لم يعتد مثل هذه الأمور، فما حدث كله غريب على شعب البحرين المعروف بهدوئه وتسامحه ونظرته الواقعية للأمور، لذا تبدو هذه السنوات الأربع وكأنها أربعون سنة، تهنا فيها، ولم نعد نعرف الطريق إلى الخروج مما صرنا فيه. ولكن لابد من مخرج لأنه منطقاً لا يمكن للأزمة أن تستمر هكذا من دون نهاية.
المثير في المشكلة البحرينية أن الكثير من مطالب المواطنين قد تحققت في السنوات الأربع الأخيرة، لذا يفترض أننا نقترب من الحل، فطالما أن كل هذه المطالب قد تحققت بطريقة أو بأخرى -خصوصاً الإسكان الذي من الواضح أن الدولة تبذل لإغلاق ملفه كل جهدها وكذلك التوظيف- فهذا يعني أن مساحة الاختلاف قد ضاقت وأن الأمور المختلف عليها صارت قليلة، منها أمور تعتبر إلى حد ما شكلية، ولعلها لا تشكل أي أهمية بالنسبة للعامة من الناس.
ما يحدث اليوم -وهذا مؤسف- هو أننا نضيع وقتنا وجهدنا في ردات الفعل، فنعتبر أمراً ما يفترض أن يكون عادياً نهاية العالم، فنخرج في مظاهرات ونعلن عن اعتصامات وندخل في نقاشات تطول وتزيد مشكلتنا تعقيداً، بينما الأفضل من كل هذا التركيز على الأمور الأساسية واعتماد مبدأ الحوار والتفاهم بدل العناد والدخول في مهاترات لأسباب بسيطة.
لا يمكن ترك الأمور تسير بالكيفية التي تحلو لها، لذا لابد من التدخل لوضع حد لها، ذلك أن الاستمرار في المشكلة يعقدها وقد لا تصل إلى مرحلة الانفراج التلقائي الذي يفترض أن تصل إليه بعد أن تشتد. هذا يعني أن على كل الأطراف ذات العلاقة أن تجتهد في إيجاد الحلول المناسبة التي وإن لم ترض الجميع فعلى الأقل تحقق الحد الأدنى من مطالب وتطلعات كل طرف؛ تحقق لـ»المعارضة» جانباً من تصوراتها، وتحفظ للدولة مكانتها وهيبتها.
هذا يعني أن الارتداد عن الجدار لا يكون إلا بالتفاهم والحوار، فما يحدث الآن لا يمكن أن يوصل مشكلتنا إلى نهاية. منطقياً لا يمكن لطرف أن ينتصر على طرف، ومنطقياً لا يمكن الاستمرار في هكذا وضع، لذا لابد من تحكيم العقل والابتعاد عن ردات الفعل وخصوصاً العنيفة منها. وتحكيم العقل يكون بالعودة إلى طاولة الحوار وبنية الخروج نهائياً من هذه المشكلة التي عطلت التنمية والتطوير والتحديث، وسيزيد من ذلك أحوال سعر برميل النفط الذي هبط إلى أدنى مستوياته، وسيزيد منه الخيار الذي لابد منه بالتركيز على الأمن والتسلح بغية مواجهة التغيرات المتسارعة في المنطقة والتي صارت التنظيمات المتطرفة سبباً رئيساً فيها.
ليس بالعناد يمكن أن تحل مشكلتنا، وليس بردات الفعل العنيفة، مشكلتنا حلها بيدنا، وهو داخلي بدرجة مائة في المائة. قليل من العقل وشيء من الحكمة وكثير من النظرة الواقعية نتيجتها المنطقية انفراج الأزمة التي لن تنفرج إلا بقرار منا