أتعاطف مع الشعب الفرنسي، بغض النظر عن موقف حكومتهم، وأشارك الحزن أهالي وأسر 12 ضحية سقطوا جراء الإرهاب، ولكنكم لستم بالقطع الوحيدين الذين عاشوا وعانوا من الإرهاب، كما أنكم لستم الدولة الأولى ولن تكونوا الأخيرة.
أقول أتعاطف مع شعب فرنسا وليس مع الحكومة الفرنسية، لكني لست فرنسياً.. أنا فلسطيني.. وصحيفة مأساتي تحكي شعباً لاجئاً مشرداً في مخيمات البؤس والشقاء يحلم بالعودة إلى بلاده..
هي قضية شعب طرد من وطنه واغتصبت أرضه منذ 67 عاماً، أما عن شهدائه، فسأل أرض فلسطين، لأنها الوحيدة التي تعرف كم حوت في بطنها من جثث أبنائها، فالضحايا بالملايين وليست بالعشرات أو الآلاف.
أنا عراقي.. وصحيفة مأساتي تحكي عن 1.3 مليون شهيد وتشريد نحو 4.5 مليون عراقي، وما يقارب من 2 مليون أرملة، و5 ملايين يتيم، ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان فإن العديد من النسوة العراقيات اللواتي ترملن نتيجة الاحتلال الأمريكي يجري استهدافهن واستغلالهن جنسياً وإجبارهن على ممارسة البغاء.
ولايزال العنف والفوضى وعدم الاستقرار السياسي يلقي بظلال قاتمة على حاضر العراق منذ الغزو الأمريكي، وبعد أن تساقطت الذرائع والحجج التي سيقت لتبرير غزو العراق مع الفشل في العثور على أية أسلحة نووية أو ما شابهها، اكتفى الساسة الأمريكيون آنذاك بالزهو في نشر «الديمقراطية»، فيما لحق بالعراق أشد الخسائر البشرية والمادية، بل دمرت البنية التحتية والمؤسسات العراقية بالكامل وترك في حالة يرثى لها.
أنا سوري.. وعدد الضحايا أكثر من 250 ألف شهيد وعدد الجرحى يفوق 205 آلاف، وعدد المعتقلين يفوق 265 ألفاً وعدد المفقودين يفوق 102 ألف، وعدد اللاجئين يقارب الأربعة ملايين، وعدد العائلات التي أصبحت بدون معيل 130.530عائلة، وما زالت الحصيلة في ازدياد، وهي جرائم ارتكبها نظام بشار الأسد بمعاونة ميليشيات «سيد الجحور» حسن نصراللات، وبدعم ومساندة وتسليح من النظام الإيراني الصفوي. أنا بحريني.. وصحيفة مأساتي تحكي عن قصة وطني الذي أخضع لإرهاب ولي الفقيه منذ أربع سنوات، وقد خلف هذا الإرهاب الصفوي الحاقد والعميل 14 شهيداً و2887 مصاباً في صفوف الشرطة وآخرين من المدنيين، من بينهم المؤذن محمد عرفان والذي قطع لسانه، والطالب خالد السردي الذي فتكت به شياطينهم وكادت أن تقتله وترمي به من فوق سطح أحد مباني الجامعة، وسائق التاكسي المسن راشد المعمري وغيرهم والذاكرة تحوي الكثير.
هل أواصل وأحكي لك عن مأساة وطني؟ ما بين 14 فبراير وحتى 16 مارس 2011 احتل الشياطين أكبر مستشفى عام في المملكة بمساعدة بعض الأطباء وبمشاركة ممرضين ومسعفين وعناصر من قسم التغذية والمطبخ وصيادلة، وعناصر من قسم الأشعة وحتى حراس المستشفى المدنيين، واستولوا في نفس اليوم على بنك الدم ومخازن الأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية، وعمدوا إلى حرمان أهل المرضى من دخول المستشفى وتلقي العلاج!!
وإلى اليوم مازالت رحى الحقد والخيانة تفتك بشوارع المدنيين الآمنين وتعربد وتحرق، ومازال وطني يعاني من أشر المخلوقات وانحطاطهم.. شيء محبط وصادم ويبعث على اليأس، أليس كذلك؟!
بالله عليك يا هذا، أيهما أحق أن تنظم له مظاهرة يسير فيها كل زعماء العالم؟!
عفواً فرنسا.. مع احترامي لضحاياكم الذين سقطوا جراء الإرهاب، ولكن العدد لا يساوي «ربع العشر» من عدد ضحايانا!