مازلنا في تقرير الرقابة المالية وما جاء فيه من مخالفات وإهدار للمال العام وثروات البلاد، ولابد أن نتطرق إلى كل مؤسسة جاء ذكرها في التقارير، ليس تشفياً وانتقاماً بل رغبة من القلب بأن يصلح البلاد والعباد، ومن هنا سنتحدث عن الملايين التي تحرق في الهواء حسرة و«غميضة»، وذلك كما جاء في التقرير الذي يقول إن 96 مليون دولار خسائر «بناغاز» بسبب عدم قدرة الشركة على استيعاب كميات الغاز المصاحب للنفط، كما يقول التقرير أيضاً إن هناك اتفاقية بين شركة «تطوير» وشركة «بناغاز» لتوريد الغاز المصاحب بنحو 285 مليون قدم مكعب يومياً، ولعدم قدرة الطاقة الاستيعابية لـ«بناغاز» على تكريرها، فإن «تطوير» تضطر إلى حرق الغاز، فوالله إنها كارثة أولها خسارة عشرات الملايين ثم التلوث الناتج من حرق الغاز.ثم نتساءل عن الآثار البيئية والتلوث الناتج عن حرق الغاز الذي بلغت كميته من يناير 2010 حتى سبتمبر 2013 نحو 1.063 مليون قدم مكعب، دون أن تتحرك الجهات ذات الاختصاص بقياس حجم التلوث وأضراره على الإنسان والبيئة، إذ إن للجهاز التنفسي لكل منا حصة لا ندري كم تبلغ سنوياً، والذي سيظل دون شك مستمراً طالما لم تتخذ الإجراءات لوقف هذا الفائض، سواء بالتصنيع أو التكرير أو التصدير، خاصة وأن الدراسة مازالت قائمة، و«بعدها» بانتظار الميزانية.السؤال هنا؛ هل ستكون ميزانية في ظل العجز والتقشف، ومن ثم البحث عن شركة أو مقاول والذي قد يكون مصيره هو نفس مصير مشروع التحكم في جسيمات وحدة التكسير بالوسيط الكيميائي لشركة «بابكو»، والذي كان من المقرر الانتهاء منه في 2004 وتم تأجيله حتى 2020 لأسباب غير معقولة ولا مقبولة، وقد تأتي بعد سنة 2030، ولا صار هذا ولا ذاك، وهكذا يستمر ديوان الرقابة المالية في إعداد التقارير سنة وراء سنة، حتى يصبح مجرد عادة، لذلك نرى بعض المؤسسات الحكومية لا تهتم بتقرير ولا بتذكير، طالما رؤساؤها يكافؤون بمراكز ومناصب أفضل مما كانوا عليها، فكيف بالله عليكم بعدها يحد من انبعاث غاز كربون أو نتروجين، مادامت هذه التقارير تتبخر كما تتبخر وتحترق الغازات.ثم نأتي إلى الأعذار التي ذكرها التقرير لعدم زيادة الطاقة الاستيعابية للشركة للاستفادة من الغاز الزائد، وأن أحد هذه الأسباب هو أن الشركة قد عملت منذ 2005 بالتعاون مع شركة بابكو، لكن جهود الشركة لم تكلل بالنجاح لعدم توفر إحصاءات دقيقة عن كميات الغازات الزائدة والفترة الزمنية المتوقع استمرارها، فبالله عليكم هل هذا سبب ممكن أن يصدر من شركة عملاقة قديمة مثل بابكو تقول إنها غير قادرة على الحصول على إحصاءات دقيقة عن كميات الغازات الزائدة؟فأين طواقمها الهندسية والفنية؟ وأين خبرات مدرائها ورؤسائها؟ ثم كيف لا يمكن حساب الكمية وهذا الغاز يهدر منذ عشرات السنين، وهذه إحصائية تم تقديرها للغاز الفائض من 2010 حتى 2013، أليست هذه الإحصائية كافية ووافية؟ ثم كم من الغاز احترق منذ 2005 وقبلها؟ وكيف تقوم شركة «بناغاز» بزيادة طاقتها الاستيعابية في ظل عدم توفر المعلومات، حتى تظل الطريقة الأبسط والأسهل هي حرق الغاز لحين إتمام الدراسات المالية والفنية، والتي نظن أنها لن ترى النور إلا بعد أن تجف الآبار ويتبخر الغاز.بالتأكيد إن «تطوير» و«بناغاز» و«بابكو» تقع عليهم مسؤولية هذا الهدر والتلوث، إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على شركة «بابكو» كونها الشركة المسؤولة عن إمدادات الغاز منذ عشرات السنين، والتي لم تطور قدرات مصانعها، فمن العيب أن تكون دولة متقدمة ومتطورة، وهي أول دولة خليجية اكتشف فيها نفط، غير قادرة على مواكبة التطوير في صناعة النفط والغاز، في الوقت الذي نرى دولاً خليجية جاءت بعدها استطاعت أن تطور مصانعها وتنمي مواردها من خلال الاستغلال الأمثل لمواردها وثرواتها الطبيعية، وإذا نظرنا وتأملنا نرى دولاً مثل الصين والبرازيل وأفريقيا تحفر الجبال للبحث عن فحم وأحجار وموارد طبيعية، بينما هنا الموارد الطبيعية تتدفق تلقائياً على سطح الأرض فيكون مصيرها الحرق للتخلص منها بسبب عدم اكتراث القائمين على هذه الشركات بالثروات الطبيعية التي لو تم استغلالها لكان لها الدور الأكبر في النهضة الاقتصادية ومضاعفة إرادات الدولة.هنا نطالب الجهات المسؤولة مباشرة وذات العلاقة أن تتدخل لوقف الهدر الظالم ووضع الحلول السريعة، فلا يمكن أن تنتظر دراسة أو البحث عن مقاولات وشركات ذات كفاءة، فهذه الدول الأخرى منها الدول الخليجية والغربية وها هي أذربيجان تخفض انبعاث الغاز المصاحب إلى الصفر، إذاً العملية ممكنة وليست مستحيلة، وكل ما تحتاجه إرادة صادقة وعزيمة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90