أتابع بين الحين والآخر برنامج «حديث البحرين» الذي تبثه فضائية «العالم» الإيرانية يومياً على الهواء مباشرة، والمخصص لدعم «الحراك الثوري»، وتستضيف فيه عناصر تتكرر من «المعارضة»، وفي كل مرة أشاهد فيها هذا البرنامج يبرز السؤال؛ لماذا هذا الاهتمام الإيراني غير العادي بالمشكلة البحرينية؟ ولماذا هذا الدعم المباشرالذي تقدمه جمهورية إيران الإسلامية لهذه المجموعة؟ لماذا لا تكتفي هذه الفضائية ببث بعض الأخبار عن البحرين كما تفعل الفضائيات التي تنظر إلى الأحداث من باب توفير معلومة لمشاهديها؟
إن فضائية تابعة لإيران تهتم بإنتاج برنامج يومي على الهواء مباشرة مدته ساعة كاملة يتاح فيها لكل من يريد الإساءة إلى قيادة البحرين وحكومتها مسألة ينبغي النظر فيها، خصوصاً وأن هذا البرنامج مستمر منذ أربع سنوات ومن دون توقف. هل يمكن قبول فكرة أن ما تقوم به هذه الفضائية السوسة يدخل في باب تقديم خدمة إخبارية لمشاهديها؟
كل من يرغب في تفريغ ما يمتلئ به صدره من سباب وشتائم للبحرين يصنف على أنه ضيف عزيز على هذه الفضائية، وكل من لا يتردد عن توجيه أي اتهام لمملكة البحرين، حتى وإن كان كاذباً بدرجة مائة في المائة، فهو صادق لدى هذه الفضائية ومقرب و«ثوري»، وكل من يمارس دوراً تحريضياً ضد البحرين ويسعى إلى تشويه سمعتها فهو مطلوب و«مناضل» يستحق أن تدعي له بالخير.
في هذا البرنامج لا يمكن أن تجد تحليلاً منطقياً ولا يتوفر فيه التوازن الذي يشعر المشاهد بأن من يقف وراءه يهدف إلى الخير وإصلاح ذات البين بإتاحة الفرصة للرأي والرأي الآخر. في هذا البرنامج يتم استضافة حتى من لا يعرف كيف ينطق، فالمهم هو أن يعرف كيف يسب ويشتم ويفقد أعصابه وهو «يهذر» ويأتي بمصطلحات لا يعرف معناها.
أما مقدمة البرنامج التي تسعى إلى إظهار نفسها على أن قلبها على البحرين أكثر من كل أهل البحرين فالخبرة التي اكتسبتها تمكنها من لي عنق الحقيقة وفتح الباب لكل معلومة ترى أنها تصب في الهدف من البرنامج، وإغلاق الباب في وجه كل معلومة تتضمن الحقيقة وتفضح توجه هذه الفضائية، كما تعينها خبرتها على إرشاد المشارك كي يقول ما تريد هي منه أن يقول وما قد يكون نسيه في خضم انشغاله بممارسة السب والشتم، فتقول له مثلاً «لعلك تقصد كذا» أو «وبالتأكيد تتذكر أنهم فعلوا كذا وقالوا كذا» كي يقول هو «نعم»، فيهتم بالتركيز على النقاط التي أرادت منه التركيز عليها.
الأكيد أن المسؤولين الإيرانيين وعدوا ذوي العلاقة بوزارة الخارجية مرات بأنهم سيمنعون هذه الفضائية السوسة من ممارسة «سوسيتها» سواء عبر هذا البرنامج أو البرامج الأخرى التي تتيح أيضاً الكثير من الفرص للكثيرين ممن يرغبون في الإساءة إلى البحرين أو عبر نشرات الأخبار التي تحتل فيها أخبار البحرين، أو بالأحرى أخبار «المعارضة» المتمثلة في جمعية الوفاق وائتلاف فبراير الأهمية الكبرى، ولكنهم لم يوفوا بوعودهم التي يعلمون مسبقاً أنه غير ممكن الوفاء بها، لأن ذلك يخرب كل الخطط المرسومة ويؤثر سلباً على الأهداف والغايات المعتمدة.
اليوم تطور الأمر ووصلت هذه السوسة إلى حد نقل مؤتمرات صحافية تعقدها جمعية الوفاق على الهواء مباشرة من البحرين، هكذا «عيني عينك»، بينما تنقل فضائيات سوسية أخرى نفس المادة نقلاً عن فضائية «العالم».
تدخل سافر في شؤون البحرين الداخلية لا بد من وضع حد له والتعامل معه بأسلوب آخر تفهمه إيران، حيث الواضح أنها لا تفهم في أسلوب «الذرابة» الذي تنتهجه مملكة البحرين، وحيث الأوضح هو أن هذه المفردة لا مكان لها في قواميس الفرس