بات الأمر واضحاً للجميع بأن السبب وراء إنتاج أفلام مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم هو سبب سياسي وليس دينياً فقط، يتمثل في الإسراع في تغيير خارطة العالم وبخاصة خارطة دول الشرق الأوسط كما هو مخطط له منذ سنوات عدة عن طريق عمل مسرحيات هزيلة مثل مسرحية شارلي إيبدو، وسيناريو آخر بعد سيناريو الربيع العربي، فالمسألة ليست بصدد دين أو حتى إهانة الإسلام، بقدر ما هي قبضة سياسية تستدعي من الدول العظمى منها إسرائيل في التحكم في مصير المسلمين، وزرع إرهابيين في العالم على أنهم مسلمون ويتحتم على المنظمات الدولية بعد ذلك بتر التطرف الإسلامي والإسلاميين والمسلمين أينما وجدوا وأينما كانوا.
فالحرب ضد المسلمين تأتي من مجرى فكري، وهو غرس فكرة أن الإسلام دين الإرهاب، ومحاولة لتشكيك في عقيدة الإسلام بأنها قوى الإرهاب والدمار من أجل التحكم في مصائر المسلمين، وتشتيت قوى الإسلام والحد من حرية المسلمين، حيث تنظر بعض الدول بأن الإسلام أصبح متطرفاً وأصبح يعيق الحياة الديمقراطية في العالم، وهذا لاشك بأنه وسيلة تستخدمها الدول العظمى للاحتلال غير المباشر، ليس في مصائر الشعوب الإسلامية وحكوماتها فحسب أو من أجل السطو على ثروات العرب، وإنما أيضاً لسبب ديني وعقائدي وأيديولوجي لقيام الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط.
فإذا كان الغرض من وراء إنتاج أفلام تسيء إلى خاتم الأنبياء والمرسلين هو سبب سياسي بمنظور البشر، فالله قادر على حماية دينه ونصرة نبيه ومن آمن به، فإذا كانت هذه الدول تريد الذل لدول المسلمين فالله يريد للمسلمين العزة حتى عندما يحارب الجميع الإسلام ويتآمرون عليه، فالله سبحانه وتعالى تكفل بنشر دينه للعالم أجمع حتى وإن كان من وراء هذه الأفلام ومحاربة الإسلام.
الحكمة الإلهية دائماً تأتي في أوانها حتى بعد تجهيز حشود من الناس من أجل قمع الإسلام والتشكيك في وحدانية الله عز وجل، فالقصص كثيرة في القرآن الكريم تبين كيف أراد طغاة العالم الأولون مثل فرعون ونمرود وغيرهم قمع الإسلام، ولكنهم هزموا من غير معركة حربية لأن ما يدعون إليه هو الباطل، فنمرود حشد الناس حتى يبطل ما جاء على لسان إبراهيم عليه السلام من كلمة التوحيد، ولكن جاء برهان عظمة الله أمام الناس بأن خرج إبراهيم عليه السلام من النار من غير أن تمسه، فما كان لنمرود إلا أن طرد إبراهيم من البلاد بعد أن دخلت هذه الحشود الإسلام بعدما تبين لهم الحق. وكذلك بالنسبة إلى فرعون عندما أخذه الغرور فقال «أنا ربكم الأعلى»، فحشر الناس حتى يهين دعوة موسى عليه السلام أمام الحشود في يوم الزينة، فلما ابتلعت عصى موسى عليه السلام حبال وعصي السحرة، آمن الناس بالله وكفروا بادعاءات فرعون بأنه إله.
ولو استرجعنا تلك القصص لما يحدث في يومنا هذا، لوجدنا التطابق التام، فهناك من الأفراد والجماعات والدول من يحاول أن يقمع الإسلام ويحاول أن يستهين بالرسل وخاصة النبي العربي، ولكن مكر الله أعظم عندما انقلبت الأمور بعد أن تعمق الغرب في دين الإسلام وفي سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، وكلما حاول البعض أن يسيء للإسلام يظهره الله أكثر قوة وشموخاً.
فالأمر ليس بالغضب على من يحاول أن يعبث بمشاعر المسلمين بهذه الرسوم، وبالتأكيد ليس بالتهديد والترهيب وإنما بالابتعاد عن التطرف في الدين الذي يزيد من الشرارة بين المجتمعات، وأيضاً التمسك بيد واحدة لصد العدوان على الإسلام، ومن المد الصهيوني في بلاد المسلمين، كذلك الكف عن الانسياق وراء بعض الدول في الحملات التي تهدف إلى استنكار الإرهاب، فالحملات هذه يقصد فيها الإسلام وليس الإرهاب، فالاستعمار كان واضحاً على بعض الدول بعد الحملات ضد الإرهاب.