«حزب الله يكشف عن جاسوس للموساد بين صفوفه»، «مصادر لبنانية تقول إن الجاسوس يشغل منصباً كبيراً بالتنظيم». هكذا جاءت عناوين بعض الصحف إثر الفضيحة المدوية لحـــزب الله والتـــي أكــــدت أن قياديه أيضاً «يشتهون الدنيا» ويغريهم المال ويخونون ويبيعون ربعهم وقضيتهم ومبادئهم.
مــن المعلومــات التــي نشــرت أخيــراً أن الجاسوس مسؤول عن وحدة العمليات الخارجية (910) التابعة للحزب والمسؤولة عن القيام بعمليات ضد أهداف إسرائيلية في كل أنحاء العالم، وأن هذه الوحدة تقيم علاقات وثيقة مع فيلق القدس الإيراني. القيادي بحزب الله الذي باع الحزب وأمينه العام ومبادئه رجل أعمال جنده الموساد في إحدى دول غرب آسيا وعمل في الموساد على مدار (سنوات)، وساهم في إحباط الكثير من عمليات الحزب والتي كان هدفها الثأر لمقتل قائده عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق بعد تفجير سيارته بعبوة ناسفة، ويتهم حزب الله إسرائيل بالمسؤولية عن اغتياله.
ليس هذا فقط؛ فهناك مصادر ذكرت أنه توجد شبهات حول تورط هذا الجاسوس في عملية اغتيال مغنية والقيادي البارز في الحزب حسان اللقيس العام الماضي، وأنه بتعاونه ساهم مع الموساد في الكشف عن عملاء للحزب عملوا في دول مختلفة في العالم.
طبعاً حزب الله استغل الموضوع بطريقته فقال إن الإمساك بالجاسوس «يشكل ضربة قاصمة لنظام الاستخبارات الإسرائيلية، وأن هذه هي إحدى جولات الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله بكل ما يتعلق بتغلغل مصادر المعلومات»، في محاولة واضحة للتغطية على مسألة تمكن إسرائيل من تجنيد هذا القيادي في الحزب لسنوات، ولإبعاد الشبهات عن بقية القياديين في الحزب واتهامهم بحب الدنيا.
حزب الله سعى لترويج فكرة أن الحزب لم يفاجأ وأن الموضوع يدخل في باب الحرب بين الحزب وإسرائيل، وبالتالي حاول أن يطمس المعلومة الأكيدة والتي ملخصها أن إسرائيل تمكنت من شراء ذمم العديد من أعضاء وقياديي هذا الحزب، أي أن هؤلاء المتدثرين برداء حزب الله باعوا كل شيء من أجل المال (أرشيف الصحف يظهر أن جواسيس كثر تمكنت إسرائيل من زرعهم في حزب الله، وأنها تمكنت أن تشتري ذمم العديد من القياديين في هذا الحزب، وأن أسماء كبيرة في الحزب تورطت في هذا الموضوع منها رجل دين).
محمد شوربا؛ هو المسؤول الأمني بحزب الله الذي ظل لسنوات يبيع المعلومات لإسرائيل ويتسبب في إحباط العمليات ضدها، ولم يتم اكتشافه إلا قبل شهور ثلاثة فقط، ما يؤكد اختراق إسرائيل لحزب الله، ويؤكد أيضاً حب أعضاء وقياديي هذا الحزب للدنيا، ويؤكد كذلك أن ليس كل من رفع الشعارات والمبادئ كان صادقاً. المثير أن التحقيق مع شوربا أظهر أنه هو الذي بادر من تلقاء نفسه بالاتصال بجهاز الموساد الإسرائيلي عارضاً التعاون معه، وأنه زود جهاز الموساد بمعلومات قيمة عن مجمل النشاط الخارجي للحزب أدت لتوقيف مجموعة كبيرة من عناصر الحزب في عدد من الدول. أما أطرف تعليق على تغلغل إسرائيل في حزب الله فهو ما نشرته إحدى الصحف حيث كتبت «يبدو أن الحزب أصبح المصدر الرئيس لإسرائيل للحصول على معلومات عن لبنان عن طريق عملائه المنتشرين في التنظيم».
محاولة إسرائيل تجنيد عملاء لها في حزب الله أمر طبيعي ووارد، فالجاسوسية جزء من الحرب وأداة من أدواتها، واكتشاف حزب الله لبعض من تم توظيفهم من عناصره أمر طبيعي ووارد أيضاً، لكن ما هو وارد ولكن غير طبيعي هو أن يقدم قياديون في حزب أظهر نفسه للعالم على أنه ينتصر لله سبحانه وتعالى ويدافع عن قضايا الأمة على بيع كل الشعارات والأخلاق والمبادئ والقيم والدين من أجل مال زائل ودنيا فانية.