استطاع زعيم الأمة أن يجعل بسياساته المستنيرة والواعية للسعودية دورها المهم في الحراك السياسي بالمنطقة


وترجل فارس من فرسان الأمة، ليترك فراغاً في قلوب شعبه والشعوب العربية والإسلامية، لمواقفه الإنسانية ومواقفه الشجاعة والمقدرة والتي عكست استيعاباً لمخططات الفتنة والتقسيم لمنطقة الشرق الأوسط.
وهذه المتابعات النشطة عبر وسائل الإعلام العالمي ومواقع التواصل الاجتماعي لملايين الناس، منهم مواطنون من كافة دول العالم، ومسؤولون ورؤساء ووزراء وفنانون، ومسؤولو منظمات دولية، وكافة القطاعات والفئات، لوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، تعكس محبة عميقة ومعرفة عميقة، لرجل «ملأ الدنيا وشغل الناس»، بين حدي مواقفه الحازمة والإنسانية، حتى لقبوه بـ»ملك الإنسانية».
التزام الزعيم الراحل خادم الحرمين الشريفين بمنهج ثابت تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية وشؤونها ومصالحها المشتركة ومشكلاتها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية واستعادة المسجد الأقصى وتحقيق المصالح المشتركة، حبب فيه الناس من كل صوب وحدب، وقال الرئيس السوداني عمر البشير عنه إنه «انتهج نهجاً اتسم بالإصلاح وكرس حياته لجمع الصف العربي وتوحيد كلمة المسلمين».
وطرح خادم الحرمين الشريفين العديد من المبادرات المهمة، إقليمياً ودولياً وداخلياً، ويأتي على رأسها مبادرته الخاصة بتحويل مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى اتحاد خليجي، كخطوة باتت ملحة في عصر الاندماجات الكبرى والتكتلات وعدم الاستقرار والعنف الذي تشهده المنطقة والذي يتوجب من دول المجلس الاتحاد لمواجهته.
وكان لخادم الحرمين، وبما يتمتع به من خبرة وحكمة، وضعه بين زعماء دول الخليج العربي، خاصة في المواقف الصعبة، إذ كان دائماً يرجح كفة الحق والعدل، وجلهم يعود إليه للاستقاء من هذه الحكمة، وصدق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حينما قال «برحيل الملك عبدالله فقدنا صاحب حكمة ورؤية».
استطاع زعيم الأمة أن يجعل بسياساته المستنيرة والواعية للسعودية دورها المهم في الحراك السياسي بالمنطقة، فأصبح رقماً صعباً في السياسة الإقليمية والدولية، ولا يمكن تخطيه، في ظل كافة الظروف، وأضحى للرياض موقفها الذي يشكل علامة مهمة ضمن المعادلة الإقليمية بالشرق الأوسط، لذلك قال عنه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه «اتخذ قرارات شجاعة في عملية السلام بالشرق الأوسط»، فيما أكد رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أنه «كان مدافعاً صلباً عن السلام».
في الداخل السعودي استطاع الملك عبدالله بتبنيه مشروعاً للإصلاح السياسي أن يدفع بالمجتمع السعودي نحو بناء مستقبل أفضل وتغيير وجه المملكة العربية السعودية التنموي والسياسي بطريقة سلسة من خلال تطبيق منهجية الإصلاح في كل مفاصل الدولة، إذ أسس مركز الحوار الوطني لتقوية اللحمة الوطنية، وعين 30 امرأة بالشورى، وأقر حقها في الترشيح والترشح بالانتخابات البلدية، إضافة إلى العديد من المشاريع التنموية والاقتصادية، التي جعلت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يقول «المملكة تحت قيادته حققت تقدماً ورخاء ملحوظاً لشعبها».
وللملك الراحل دوره المميز في الحوار بين الأديان، بتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، وهو يمثل ضوءاً ساطعاً في نفق مظلم لعالم يسوده التقتيل والفرقة والانقسام واستراتيجيات لـ»أسلمة الإرهاب»، مما دفع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون أن يقول عنه «سيذكر التاريخ التزامه بتعزيز التفاهم بين الأديان».
اللهم تقبله عندك فقد كان فوق كل ذلك رجلاً طيباً..