لن ننسى هذه العبارة التي اختزلت مكانتنا في قلبك، أكنت تنتظرنا؟، أكنت تتابع ما يجري لنا؟، أكنت خائفاً علينا؟، هل رأيت كيف أحرقوا الأخضر واليابس يا أبتِ؟، هل رأيت كيف تآمروا جميعاً على ابنتك الصغيرة وعليك؟.
أبتِ، هل كنت ترانا ونحن نصد ذا الجدار وذا الجدار بأجسادنا الصغيرة خوفاً علينا وعليكم؟، أرأيت كيف كانوا يدكونهم بتآمر وتعاون مع قوى عظمى أرعبت ابنتك الصغيرة؟ لقد وقف كبيرهم في الأمم المتحدة يأمرنا أن نجلس معهم ونرضخ لهم.
تغير الحال يا أبتِ فور سماعهم هدير صوتك، وأنت تحدد حدود بيتك في الرياض بأنها تنتهي بالمنامة، حينها عرفوا أنه كما للصغيرة رب يحميها لها أب تنافس الجبال شموخه طال انتظاره لها، ألا لهفي عليك لم تسنح لنا الفرصة أن نقول لك «شكراً» رحلت قبل أن تسمعها، ألهانا ترتيب ما أحدثوه من فوضى ودمار في بيتك الصغير، للتو فرغنا، للتو أصلحنا خرابهم، للتو نلملم شتاتنا، للتو نضع الأمور في منصة الانطلاق، وها هي قوافلنا تشد الرحال لبيتك للرياض، لكنك لم تمهلها لتقول لك شكراً، بل شدت رحالها للأسف لتودعك وتصلي عليك، رحلت دون أن تسمعها منا «شكراً من القلب».. تأخرنا.. تأخرنا كعادة الأبناء يؤخرون شكر آبائهم كعادة ابن آدم ينسى أن يقول لمن يحبه بأنه يحبه حتى يفاجئه برحيله وكأن الموت يأتي دون إنذار مسبق.
ألا لهفي عليك أرحلت قبل أن تعرف مكانتك في قلوبنا وأنت الذي عرفتنا مكانتنا في قلبك، أرحلت ولم تسمعها منا كم نعزك وكم نقدرك وكم نحترمك، أرحلت ولم تحك لك أمهاتنا عن بكائهن فرحاً بصوتك، ولم يرو لك أباؤنا عن غفوة عينهم المطمئنة حين أشرت للبحرين بأنها ابنتك الصغيرة.
عزاؤنا أنك أب والأب يسامح ويعذر أبناءه، عزاؤنا في دعائنا لك حياً كنت أو ميتاً، عزاؤنا أن لك فينا أبناء صالحين لن ينقطع دعاؤهم لك، فلا ينقطع ذكرك في الحياة ما حيينا وإلى أن نلقاك.
أبا متعب نستودعك عند من هو أرحم منا وأرحم من والدينا علينا، نستودعك عند الرحمن الرحيم ونسأله أن يتقبل من دموع أمهاتنا وآبائنا المخلصة لك دعاء في الغيب صادقاً.
اللهم اغفر لعبدك عبدالله بن عبدالعزيز وأدخله فسيح جناتك فإنه كان نعم الأب لنا، اللهم وتقبل منه صالح الأعمال، اللهم إننا نشهدك على أننا أبناء ابنته الصغرى، أوفياء له ولما تمنى، ولو كان الأمر راجعاً لنا لأعلناها اتحاداً خليجياً قبل أن يجف قبره، وفاء له ولما نادى ولما سعى.
اللهم ارحمه، واغفر له، وسدد على طريق الخير من سار على نهجه ومن كان عضيده في حياته خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز.
اللهم تقبل دعاء ابنة صغرى «البحرين» لأبيها، يعتصر قلبها ندماً لأنها تأخرت أن تقول له شكراً في حياته.