نتابع خلال الفترة الماضية ما يحصل بين النواب والحكومة بشأن برنامج العمل القادم للسلطة التشريعية، رغم أن ما يحصل حراك طبيعي جداً، ما بين أخذ ورد، ومطالبات من النواب بتوضيحات أكبر، وجلسات واجتماعات بين الجانبين.
إلا أن التصريحات في الإعلام والتسريبات من مصادر هنا وهناك، بالأخص ما يشير لوجود بعض التحفظات والاختلافات في المواقف، كلها تبعث على القلق بأن يقع نوع من الضرر على المواطن وعلى الحراك المعني بتحسين وضعه وتجويد الخدمات المقدمة له.
كنا قد قلنا عند تقديم البرنامج بأن ما نأمله هو التعاطي العقلاني معه بما يمنع وقوع ضرر على الناس سواء بتأخير المشاريع أو الموازنة أو نسيان ملفات هامة لا يجب أن يتقادم عليها الزمن بحيث يكون تعاطي نواب الشعب معها متأخراً، وفي نفس الجانب قلنا خلال جلسة جمعت الصحافة مع مسؤولي الدولة بأن مزيداً من التفصيل والتوضيح في البرنامج مطلوب خاصة بما يمنع تعطيله أولاً وثانياً بما يضمن أنه يتوافق مع ما يريده المواطن الذي يجب أن يتمحور كل عمل حوله.
تضمين ملاحظات النواب أو تعديلاتهم بخصوص بعض الملفات التي تخص الناس مسألة نراها ضرورة أن توضع في الاعتبار، إذ الناس انتخبت ممثلي السلطة التشريعية حتى يعبروا عن آرائهم ومطالبهم وتطلعاتهم، وعليه حينما يطالب بعض النواب بأن تتضمن هذه المطالب في البرنامج بحيث تلبي المشاريع مطالب الناس، فهي مطالبة هم ملزمون بها، ولا نرى فيها أية مزايدات، لكن في المقابل المبالغة في ربط أمور بأمور، وخروج البعض في الإعلام وكأنه في معركة وحرب، مسألة تخلق لدى الناس نوعاً من القلق وتصور لهم على أن الدولة والحكومة لا تريد لهم الخير، وهنا يكون الخطأ الأكبر بحيث يدفع المواطن دفعاً لتصنيف السلطات على اعتبار أن هذه معه وتلك ضده.
في بلد مثل البحرين اعتدنا دائماً أن تكون قيادته وحكومته سباقة في خدمة الناس والتفاعل معه ومع مشكلاته، الثقة موجودة كانت ولازالت بقيادة جلالة الملك الحكيمة والإدارة المحنكة الخبيرة من قبل سمو رئيس الوزراء الموقر حفظهما الله، وعليه ما نأمله اليوم هو التكامل في العمل، بحيث يكون النواب مكملين للبرنامج بتضمين ما يخدم الناس بحسب ما ينقلونه لممثليهم، وبحسب ما وعده النواب لناخبيهم في فترة الترشح.
شخصياً لا أريد توقع حدوث تعقيدات وتصادمات في القادم من الأيام حتى لا تكون سببا في تأخر الحراك التنموي في البلد، وحتى لا تتضرر مصلحة الناس وتتعطل المشاريع، لكن مع أمل أن تكون خطة العمل الشاملة للبلد ملمة بأغلب التفاصيل والأمور التي تخدم الناس وتصب في اتجاه تطلعاتهم، وهنا دور النواب بالأخص من نثق بوعيهم ومستواهم الفكري وأسلوبهم الواقعي في العمل، فالشاهد هنا بأن التصادم لمجرد التصادم لا يخدم أبداً، بل يزيد نسبة إيقاع الضرر بالبلد وحراكه والتأثير سيظهر جلياً على المواطن.
مسوغ الكلام ما تداول مؤخراً عن وجود تلميحات تنشر في الصحف بأن توجه بعض النواب للرفض والرفض التام، لا محاولة التقريب والتعديل وطرح إضافات قيمة للبرنامج، وفي هذه العملية حكم مسبق على العملية بالفشل، مع بروز نوع مؤسف من ربط أمور بأخرى، وهو ما يطلق عليه الابتزاز، أو لتخفيف الوصف العمل بأسلوب «هذه بتلك».
ندرك أن ما يحصل اليوم هي سابقة إيجابية جاءت نتيجة لتعديلات دستورية مؤثرة، وعليه فإن التجربة الأولى وإن شابها بعض القصور جراء أساليب التعاطي، لا يجب أن تلقي بآثار سلبية يتضرر منها البلد في حراكه والمواطن في نفسيته أولاً قبل أوضاعه. نثق بكم جميعاً، أعضاء حكومة وبرلمان، ونأمل لكم الاجتماع على ما فيه خير لهذا المواطن الذي آن له أن تنزاح همومه وتتسهل أموره المعيشية وما يرتبط بها من خدمات وحراك وتنمية.