ما بال الحوثي، وما الذي يقويه ويدعم شوكته؟!
الحوثي «تفرعن»؛ رفع سقف مطالبه فطلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تعيين نائب للرئيس ورئيس وزراء ووزير مالية من الجماعة، بجانب تعيين النائب العام من جماعتهم وإلحاق عشرة آلاف من مسلحيها بالجيش وعشرة آلاف آخرين بالأمن، علماً بأن 30 ألف حوثي يخدمون في الجيش اليمني.
في كل مصيبة تقع في دول عربية أو خليجية تجد للفرس يداً فيها، وأظن أني لست في حاجة لسوق أمثلة كثيرة تؤكد هذا المعنى وتكشف هذه الحقيقة، فقط يكفي أن أشير إلى ما جرى في البحرين، وما جرى قبل ذلك -ومازال- في العراق، وما يجري الآن في سوريا.
أكتب سطوراً اليوم بينما قلبي منفطر مكسور ورأسي مضطرب وساخن جداً بعد أن سقطت العاصمة الرابعة في يد الصفويين، وما أشبه الليلة بالبارحة؛ ففي التاسع من أبريل عام 2003 استيقظ الوطن العربي على خبر سقوط العاصمة الثانية، بغداد، بأجندة أمريكية إيرانية.
لم يكن سقوط القصر الرئاسي اليمني إلا الحلقة الأخيرة من مسلسل انقلاب جماعة الحوثي في 21 سبتمبر الماضي؛ وما استيلاء الحوثيين على المؤسسات العسكرية والأمنية والرئاسية ووسائل الإعلام الحكومية والصحف، وتحكمهم في القرارات الرئاسية، وسيطرتهم على منزل الرئيس اليمني المغلوب على أمره، إلا بفعل تواطؤ وتآمر الرئيس المخلوع علي صالح مع الحوثي، وربما جاء التسجيل الصوتي الذي بثته فضائيات إخبارية يوم الأربعاء الماضي، وبين فيه صالح والقيادي في جماعة الحوثيين عبدالواحد أبوراس، ويظهر تنسيقاً بين صالح والحوثيين يشمل تحركات سياسية وعسكرية في أواخر سبتمبر الماضي، أي بعد دخول الحوثيين العاصمة صنعاء، ليؤكد حجم المؤامرة، ومن لا يرى في كل ما حدث في اليمن مؤامرة فهو لا يفرق بين «التمرة والجمرة»!!
هدف الحوثيين الخمينيين المنقلبين في اليمن ليس الحكم بالأصالة عن أنفسهم؛ وإنما «تفريس» اليمن والحكم. كان لزوماً على الدولة منذ البداية استخدام صلاحياتها الدستورية ونفوذها العسكري أمام «المشروع الفارسي» الذي يقوده الحوثيون، والذين نزلوا إلى الشارع من باب محاربة الفساد، فيما كانت أعينهم على كرسي الحكم وفق مشروع طائفي وحق مذهبي لا يتحقق إلا بتقسيم اليمن.
ماذا فعلتم أو ماذا أنتم فاعلون؟
وزراء خارجية دول مجلس التعاون عقدوا اجتماعاً طارئاً في الرياض أصدروا بعده بياناً خجولاً يندد بما فعله الحوثي، وليتهم لم يفعلوا.
انشغلتم بداعش وتركتم اليمن يتشظى ويتهاوى، لقمة سائغة لإيران، والحوثي يسرح ويمرح ويعيث فساداً، فيما كانت أمريكا نفسها تتآمر مع إيران عليكم، دخول إيران ونجاحها في ملء فجوة التأثير الخليجي المحدود في اليمن ودعمها الحوثيين وكسبها الرهان في اليمن، ولو مرحلياً، كان بفضل أمريكا.
عند هذه النقطة أتوقف، ولكن قبل أن أترجل عن صهوة مقالي، أصارحكم بحقيقة؛ سيناريو الحوثي في اليمن كان شبيهاً، إلى حد ما، بسيناريو «الوفاقي» في البحرين، ففي 14 فبراير 2011 كادت أن تسقط العاصمة الرابعة، ولكن الله سلم.