هذا هو عنوان «البضاعة» التي يتم ترويجها هذه الأيام من قبل «المعارضة»، خصوصاً جمعية الوفاق، بغية بيعها على العالم والإساءة إلى الحكومة، فالمظاهرات الخارجة عن القانون، والتي يراد منها إشاعة الفوضى في البلاد والإساءة إلى الاستقرار والتخريب وتنتهي بمواجهات مع رجال الأمن، يتم استغلالها عبر توظيف بعض الصور التي يحرصون على التقاطها، وتظهر رجال الأمن وهم يحاولون السيطرة على الوضع ودخان مسيلات الدموع والجروح التي يصاب بها بعض المتظاهرين لسبب أو لآخر «وكل هذا طبيعي في مثل هذه المواجهات» كي يقال إن وزارة الداخلية تعاملت بعنف شديد مع المتظاهرين، وإن الحكومة اختارت القبضة الأمنية وفضلتها على الحلول السياسية.
ولكن، بسبب أن هذا الأسلوب ليس جديداً وصار العالم كله يعرفه ويتوقعه من هكذا معارضة تفتعل الحدث ثم تتباكى، لذا فإن عملية بيع هذه البضاعة ليس بالسهولة التي تأملها جمعية الوفاق، فالناس في كل مكان لهم أعين وآذان وعقول، يرون ويسمعون ويستطيعون أن يحكموا على ما يرونه ويقيمونه قبل أن يصدروا أحكامهم ويتخذوا مواقفهم، فلا يمكن أبداً قبول كلام وحجج «المعارضة» وتباكيها وتمسكنها وهم يرون ما تمارسه في الشارع من سلوكيات عنيفة لا يمكن لأي حكومة في العالم أن تقبل بها أو تغض الطرف عنها، فلا يمكن مثلاً للحكومة أن تقبل بالخروج في مظاهرة مخالفة للقانون، ولا يمكن للحكومة أن تسكت عن ممارسات كثيرة خاطئة يتورط فيها المشاركون في تلك المظاهرات فيتسببون في الفوضى ويعرضون حياة الآخرين للخطر، وبالتالي فإن من الطبيعي أن تتعامل قوات الأمن مع هذه المخالفات بما يتيحه لها القانون.
قبل أيام تحدث ناطق باسم الوفاق في مؤتمر صحافي فقال إن عدد المظاهرات التي خرجت أخيراً تعدت السبعمائة مظاهرة في مختلف القرى والمدن ومنها العاصمة. قال هذا الكلام يبين مدى تعاطف الجمهور مع أمين عام الوفاق ويوصل رسالة مفادها أن الوفاق تستطيع أن تتسبب في الفوضى وعدم الاستقرار طالما استمر حجز أمينها العام. لم ينتبه هذا المتحدث إلى أن ما قاله ليس إلا اعترافاً بأن الوفاق تحرض الناس على الخروج في مظاهرات خارجة على القانون ومخالفة للنظام، فكل تلك المظاهرات غير مرخصة، وكلها تقود إلى المواجهة مع رجال الأمن الذين عليهم واجب المحافظة على الأمن كي يحموا الآخرين من أذى المخالفين للقانون.
ترى هل كان يمكن أن يحدث كل هذا الذي يحدث الآن من أذى للناس وللمشاركين في المظاهرات ولرجال الأمن لو أن الوفاق تمردت على حب الفوضى الذي في داخلها وحكمت عقلها واستجابت للقانون؟ هل كان يمكن أن يحدث كل هذا لو أن الوفاق التي تقول إنها تسعى إلى حكم القانون والنظام اعتبرت أمر تقديم أمينها العام للنيابة العامة ومحاكمته أمراً عادياً وأنه من حق الدولة؟ هل كان يمكن أن يحدث كل هذا للناس الذين ورطتهم بتصرفاتها الأخيرة لو أنها اشتغلت سياسة؟
لا يمكن للدولة أن تقبل بما تقوم به هذه الجمعية بحجة ما حدث أو يحدث لأمينها العام، ولا يمكن للدولة أن تتجاوز القانون فتتدخل لإطلاق سراحه، ولا يمكن للدولة إلا أن تتعامل مع المخالفات بالطريقة التي يكفلها القانون.
تسيير مظاهرات بهذه الطريقة وهذا الكم والسعي إلى نشر الفوضى والتقاط بعض الصور وبيعها على العالم بغية الإساءة إلى الحكومة أمر لا يمكن للدولة أن تقبل به، وبالتالي فإن من الطبيعي أن تتعامل معه بالطريقة التي يكفلها القانون كي يتم وقف تلك التجاوزات، حيث الأمن وحماية الجميع مسؤولية الدولة، وبالتأكيد فإنها في حالة كهذه لا يهمها محاولات الوفاق الترويج للقول بأن الدولة اختارت القبضة الأمنية.