لله الحمد والمنة نحن على الطريق الصحيح قطارنا بدأ ينطلق انطلاقة سليمة، كل ما هو مطلوب هو الحفاظ على السير على هذا المسار الصحيح والاستمرارية، فهذه أصعب المهمات وأعقدها.
هذا ما حفلت به أخبار أمس المتنوعة البحرينية والخليجية فعلى الصعيد المحلي زيارة مجموعة من أهالي المحافظة الشمالية لسمو رئيس الوزراء هي عودة للأصل وتطبيع للعلاقات سليم يعود بنا إلى ما قبل أن تدخل تلك المجموعة وتفصلنا معسكرين، وهذا يجب أن يستمر ويتحقق التواصل من الطرفين وقريباً إن شاء الله ستعود المياه إلى مجاريها منقاة من كل الشوائب كي تستعيد البحرين وجهها الناصع من العلاقات الاجتماعية بين الحكم وبين أهالي الشمالية.
على صعيد آخر كان وضعاً صحيحاً أن يحتل خبر محاكمة علي سلمان 4 أسطر في الصفحة الأولى فقط في حين احتلت صور وخبر الحادث الأليم الذي أفجعنا جميعاً «أهل البحرين» بلا استثناء نصف الصفحة، فهذا هو انعكاس طبيعي لحجم «الجمعية» التي ينتمي لها المذكور وما آلت إليه نتيجة أخطاء الواحد منها أكبر من الآخر.
حتى المقالات وكتاب الرأي في هذه الصحيفة بدؤوا يهتمون بأمور أخرى تهم المواطن انشغلوا بالاقتصاد والمؤتمرات والحوادث المرورية وووو مما يهم الناس ويشغلهم حقيقة.
ثم تتوالى أخبار الأحكام القضائية وأخبار الحراك الأمني الحثيث والعين الساهرة التي تتحرى وتقبض على المشتبه بهم وتحيل المتهمين للمحاكم التي تصدر عليهم أحكاماً تتناسب وحجم الجرم الذي أحدثوه في الوطن، هكذا يستتب الأمن ويعود الاستقرار وتنشغل الناس برزقها وبتنمية اقتصادها.
حتى أخبار المجلس النيابي بدأت تأخذ الحيز الطبيعي من الاهتمام بها، والناس يتابعون «بحراكة» ويقيسون بجدية من تخاذل من النواب والشد بينهم وبين الحكومة، والشد بين الاثنين مسألة طبيعية جداً لا تخيفنا ولا تزعجنا ولا تعطل تنميتنا طالما لم تتجاوز المدد القانونية ولم تتجاوز الاختصاصات والصلاحيات، إذ رغم وجود بعض المطالب غير القابلة للتنفيذ من النواب، إلا أن أداء النواب بشكل عام وإلى الآن يبدو صلباً وجيداً ونجح في خلق كتلة يحسب لها حساب ونجحت مرة أخرى -إلى الآن- ببناء جدار عازل بينها وبين الحكومة، جدار لا يخرق مبدأ الفصل بين السلطات رغم ما يبديه الاثنان من تعاون مع بعضهما البعض، إن استمر النواب وصمدوا فإننا أمام مجلس مختلف.. نقول إن صمدوا.
إذ بغض النظر عن نوعية المطالب وطبيعتها واتفاقنا مع بعضها واختلافنا مع البعض الآخر إلا أننا نحتاج أن نرى مجلساً نيابياً مستقلاً ونرى نواباً مستقلين فعلاً، بحاجة أن نرى مجلساً معارضاً لا يوضع تحت عباءة الحكومة بسهولة ولا يتبعها بتبعية رؤساء الكتل، مجلساً يعرف كيف يفصل بين طاعة ولي الأمر وبين الدور الرقابي المنوط به المجلس، يهمنا أن نرى مجلساً شعبياً لا مجلسين وزاريين، هذا مطلب مهم لتنمية التجربة الديمقراطية وتطورها وللتنمية بشكل عام.. المهم الاستمرارية.
أخبار الحكومة مشجعة أيضاً، بدأت الحكومة تتحرك بمجموعة وزراء للاجتماع والاستماع للنواب بعد أن كان الوزراء يسفهون المجلس السابق وكثيراً ما اعتذروا عن الحضور، اليوم نرى تعاطياً مختلفاً مع السلطة التشريعية، على صعيد آخر نرى لجان متابعة داخل الحكومة ونرى إحالة «لبعض» المخالفين والمتجاوزين، هذه أداة رقابية ذاتية تحسن الأداء وتطوره وهو المطلوب إثباته.
كلها أمور طيبة وبوادر مبشرة لعودة الأمور لنصابها الطبيعي، نأمل أن نستمر، ونأمل أن نبني على ما بدأناه. أما على صعيد الأخبار الإقليمية فيكتب فيها مقالات، إن قبول جون ماكين السناتور الجمهوري وليس دعوته من قبل أوباما بل قبوله أن يأتي للمملكة العربية السعودية بصحبة أوباما له مؤشر ذو دلالات واسعة. فجون ماكين من أكثر المنتقدين للسياسة الخارجية لأوباما خاصة بالنسبة لإيران وللمملكة العربية السعودية، وما طلب أوباما منه مرافقته إلا لأنه عرف أن مهمته ستكون صعبة وأراد تسهيلها، ولا أعتقد أن ماكين كان سيقبل هذه المهمة لولا أن جزءاً من السياسة التي انتقدها لأوباما سيتغير، خاصة حين يتعلق بدولة لها ثقلها كالمملكة العربية السعودية وذلك في صالحنا، خاصة أن في آخر الزيارة صرح ماكين أن السعودية حائط صد للمطامع الإيرانية في المنطقة، وهذا أيضاً من الذي كان مطلوباً إثباته بعد أن أنكر أوباما مطامع إيران في كل من العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان.
الخلاصة، العديد من الأخبار كانت أمس تصب في خانة واحدة، «ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً».