نعلم أن الواقع في الأيديولوجية والاجتهادات لا تنفصل عن الحقيقة، وفي كل ما نشاهده الآن في العالم العربي عموماً والخليج خصوصاً، حالة غرائبية اتخذت شكل المؤامرة، وهي لا تدخل ضمن «نظرية المؤامرة»؛ بل هي حقيقة السياسة والأطماع الإيرانية، فليس كل التشكيك بالضرورة يصنف على أنه نظرية، فما يدور في فلكنا ونعيشه منذ سنين أربع يؤكد وبفعل القرائن الملموسة، وليست الظنية، أن المؤامرة الإيرانية حقيقة وواقع ملموس، وهذا ليس وليد اليوم أو نتيجة واقع حدث فجأة أو نتيجة تغييرات في سلوك شخصيات أو أناس معينة أو حتى تغييرات مناخية، بل هو غريزة وناتج ومتولد يزرع ويروى ويربى حتى في النهاية ينتج «الخائن»، لذلك فالإنكار لا يفيد لأن كل الحقائق تؤكد أن الخونة كثيرون ويعيشون بيننا.
مثال.. الحركة الحوثية في فهم الكثيرين هي ذراع إيران الجديدة في المنطقة، وليس هناك خلاف لدى عاقل يملك القدرة على التدبير والتحليل في أن الحوثيين أداة ابتزاز بيد الإيرانيين للضغط على المملكة «وعلى فكرة؛ ليس بالضرورة أن كل من يملك عقلاً يفكر أو يحلل» وما يؤكد ذلك تصريحات سابقة ولاحقة وتأكيدات خرجت مؤخراً من إيران متطابقة إلى أبعد الحدود مع كل ما نقوله، بما لا يدع مجالاً للشك حقيقة المؤامرة الإيرانية-الحوثية على السعودية، والتي -بالتأكيد- للأمريكان يد فيها.
آنذاك؛ صرح مؤخراً العميد في الجيش الإيراني باقر زادة أن حدود الدولة الإيرانية لم تعد منطقة شلمجة «المنطقة الحدودية بين الأحواز والعراق»؛ بل إن منطقة حدودنا تمتد إلى العاصمة اليمنية صنعاء، وقال زادة خلال مؤتمر صحافي عقد بالأحواز بحضور كبار القادة والضباط من الصف الأول في الحرس الإيراني: «بأن هذا الانتصار للحوثيين في اليمن، لم يعد انتصاراً سهلاً أو حدثاً عادياً وعابراً في المنطقة، بل إنه انتصار تاريخي للثورة الإسلامية الإيرانية التي أرادت من خلال منهجها الإسلامي أن ترفع الظلم والاضطهاد عن المستضعفين في العالم الإسلامي»، ولفت زادة إلى أن «خيارات الدول الخليجية أصبحت تتقلص في مواجهتها للمشروع الإيراني، ولم يعد في العراق اليوم لا صدام حسين ولا بن لادن في أفغانستان، وتستطيع إيران أن تصل لأماكن لا يتصورها زعماء العرب بسبب تأثيرها على الشعوب الإسلامية الثائرة ضد الظلم في العالم الإسلامي».
هل نحتاج إلى توضيح أكثر من ذلك لنتأكد من حقيقة المؤامرة ووجود خونة يعيشون بيننا؟
قال علي شيرازي، ممثل المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري؛ «إن جماعة الحوثي «أنصار الله» في اليمن هي نسخة مشابهة من حزب الله في لبنان، وستدخل هذه المجموعة الساحة لمواجهة أعداء الإسلام»، وأضاف خلال حوار مع موقع «دفاع برس» التابع للقوات المسلحة الإيرانية أن «الجمهورية الإسلامية تدعم بشكل مباشر الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والقوات الشعبية في سوريا والعراق».
وهذه ليست المرة الأولى -ولن تكون الأخيرة- التي يصرح فيها مسؤولون إيرانيون عن الصلة العقائدية بين جماعة أنصار الله «الحوثيين» وبين المشروع العقائدي الإيراني في المنطقة، فسبق أن صرح مستشار المرشد الأعلى علي أكبر ولايتي قائلاً «إيران تدعم الحوثيين في اليمن، وتعتبر هذه الحركة جزءاً من الحركات الناجحة للصحوة الإسلامية»، وبعد سقوط صنعاء بيد الحوثيين في 21 سبتمبر الماضي اعتبرت صحيفة «كيهان» التابعة للمرشد الإيراني أن انتصار جماعة الحوثيين في صنعاء ورفعهم صور مؤسس الجمهورية الإيرانية، آية الله الخميني، والمرشد علي خامنئي بمثابة «انتصار وامتداد طبيعي للثورة الإيرانية ومبادئها».
عندما نستحضر كل هذا السياق وتضيف إليه أمريكا، تصبح «الطبخة الإيرانية-الأمريكية» جاهزة للأكل وبالهناء والشفاء على دول الخليج.
قد يسأل القارئ الكريم؛ وماذا نحن فاعلون؟
وأجيب؛ لا تسألني؛ بل اسأل الغافلين عن حقيقة أن الحوثيين أخطر بمائة مرة من الداعشيين على أمن الخليج