من أهم القضايا التي يجب أن تنتبه إليها شعوب المنطقة العربية تركيزها المطلق على عروبة أوطانها، وألا خيار أمامها سوى أن تظل أوطانها العربية عربية، بغض النظر عن مستوى الاختلاف والخلاف، وبغض النظر أيضاً عن التنوع المذهبي والديني لأبناء المنطقة والجوار.
إن تسليم الوطن العربي لكل ما هو غير عربي يعني اختطافه في نهاية اللعبة السياسية، فالتجارب تتحدث عن مجموعة من المآسي التي تعرض لها الوطن العربي حين حاول بعضهم الالتفاف حول أحقيته «العربية» في الوجود، كما أن التاريخ يؤكد مما لا يدع مجالاً للشك بأن الذين تعاقبوا على حكم الدول العربية من غير العرب ضغطوا باتجاه تغيير هوية المنطقة وإذلال كل ما هو عربي، ومسح الصورة الثابتة عن المواطن العربي ومتعلقاته بكل قوة.
إن تبديل هوية الوطن العربي تبدأ بتبديل ثقافته وذلك عبر محاولة لصق قضاياه بأطر مذهبية حين تكون المعركة معركة دينية، أو تصطبغ بهويات أخرى قريبة من جوار الدول العربية أو بعناوين سياسية تأتينا عبر حزمة من القوانين الدولية، وهذا عادة ما يكون من جهة الغرب وعصبته من خلال حقبة الاستعمار.
إن صمت الشعوب العربية وحكوماتها وكل القوى السياسية والدينية عن مسألة اختطاف الوطن العربي عبر تغيير هويته وانتمائه التاريخي سيجعل أوطاننا العربية في خطر، بل والأهم من كل ذلك سيجعل المستقبل العربي في دائرة الخطر الحقيقي، لأن الاستهداف سيكون حينها يطال العمق والتاريخ والجغرافيا.
إن حرص أبناء العروبة على حفظ هويتهم وهوية أوطانهم سيشكل حائط صد لكل ما هو غير عربي، سواء كان مداً دينياً أو سياسياً، لأن تجارب المنطقة أعطتنا حقيقة واقعية مفادها أن غير العربي لن يحب العرب إلا في حدود المذهب أو المصلحة، وبهذا سنكرر بذلك كل الانتهاكات الصارخة ضد الوطن العربي في فترات التاريخ الأسود. حين نطالب بحفظ الهوية العربية بمستلزماتها «الإنسان / الأوطان» فإننا نطالب بحق أصيل وليس بحق مكتسب، كما أن هذا لا يعني ازدراءنا لكل ما هو غير عربي، وذلك من باب احترام الحقوق والجوار، فالوطن العربي ملك للعرب وغيره ملك لغيرهم.
إن بقاء العرب في دائرة الخطر سيدفعنا للدفاع عن عروبة الوطن العربي، وسنظل نناضل من أجل أن نبقى عرباً أقحاحاً، لأن ما عاناه أجدادنا من براثن الاستعمار الأجنبي بكل أصنافه وأنواعه لا يمكن أن يتكرر اليوم، فالتاريخ يقول بأن من حكم العرب من غير العرب لم يراعوا فيهم إلا ولا ذمة، وبهذا فإن إصرارنا على أن تظل الأوطان العربية مستقلة بعروبتها عن بقية الدول غير العربية هو حق لا يمكن الاستيلاء عليه أو تحريفه، كما أن العرب يجب أن يلتزموا بهذا العهد تجاه الهويات الأخرى، وهذا على ما يبدو هو الواقع الحاصل، ولذا على الهويات الأخرى احترامنا كعرب، وهذا لن يكون إلا إذا احترم العرب هويتهم قبل كل شيء، فنحن وأوطاننا لسنا للبيع.