خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قائد لديه إحساس فائق بالوقت.
لذا لم يهدر الكثير منه وهو يدشن ملامح السياسة الخارجية السعودية بقمة استثنائية مع «الدولة» الأمريكية كلها.
قمة استثنائية في توقيتها وطبيعة وفدها الأمريكي، ومغزاها، لأن الوضع في العالم كله هو وضع استثنائي.
عدل الرئيس الأمريكي باراك أوباما جدول مواعيده، وحول طائرته من الهند للسعودية، وقدمت أسماء كبيرة من أمريكا، تمثل الجمهوريين والديمقراطيين، ورموز سياسة واقتصاد وأمن. في بادرة غير مسبوقة.
المفتاح الحقيقي لفهم هذه الاستثنائية ربما يكمن في كلمات صديق السعودية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جيمس بيكر، أحد حكماء الحزب الجمهوري، الذي جاء ضمن الوفد، فقد قال بيكر في تصريحات للصحافيين المرافقين لوفد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى السعودية، إنه حرص على المشاركة في الوفد لإظهار حجم التقدير الذي تكنه أمريكا للسعودية وإظهار قوة العلاقات، وفي عبارة كاشفة للجوهر والمغزى قال: «هذا وقت حرج وحساس للغاية في الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن كل شيء ينهار، فإن المملكة تبدو واحة للاستقرار».
أما بيان الديوان الملكي عقب انتهاء قمة الملك سلمان والرئيس أوباما، فذكر، بعد شكر الرئيس أوباما على تقديم العزاء في الراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أنه قد تم نقاش عدة ملفات، بما يدعم مصالح الرياض وواشنطن. من ذلك ملف التفاوض مع إيران، والأزمة السورية، واليمنية، وشدد البيان على الجهود المشتركة بين البلدين لمكافحة الإرهاب والتطرف «بكافة أشكاله وصوره».
وفي جملة مفتاحية قال البيان الملكي إنه جرى التأكيد على «أهمية العمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
إنه اجتماع يهم العالم كله، ونتائجه تتعلق بقضايا كبرى تخص صون الأمن والسلم في الإقليم العربي بل والعالم الإسلامي كله، وفي تعزيز الثقة في إمدادات الطاقة، وفي أمر جلل كبير وهو حماية مصالح الدين الإسلامي وشعوب المسلمين، من خلال قيادة الحرب على المتطرفين والإرهابيين من دواعش وجبهة نصرة وقواعد وحوثيين وغيرهم من المتطرفين، من حملة السلاح أو الكلام. فإضعاف هذه الجماعات هو قوة للإسلام نفسه، وصورته الطيبة. وهذا أمر من صميم شواغل «خادم الحرمين الشريفين» والعالم، كل العالم، وأوله المسلمون فيه، يحتاج بقوة لهذه الشرعية.
وبعد هذا كله، ثمة مصالح عميقة بين السعودية وأمريكا، ليس آخرها وجود أكثر من 70 ألف طالب وطالبة حتى 2012. بعدما كان عددهم في عام 2006 نحو 11 ألفاً! ثروة السعودية في شبابها، والدولة ابتعثتهم للتعليم في جامعات أمريكا، معولة عليهم الكثير في مستقبل البلاد والإنسان.
وبعد، نحن أمام علاقات واستراتيجيات عميقة و«ثابتة» منذ لقاء الملك المؤسس عبدالعزيز بالرئيس روزفلت 1945.
الملك سلمان يمضي على طريق والده المؤسس من قبل. مرسخاً مكانة السعودية، لأنه نفسه من بناة الدولة الكبار.
- عن صحيفة «الشرق الأوسط»