* تمضي أعمارنا ونحن لا نعرف كيف مضت، وتمضي أوقاتنا بلا هدف، يا ترى كيف نصنع الأثر في دنيا البشر، إنها لحظات حاسمات قبل حلول القدر، بادر فيها بعمل جليل سريع الثمر.
* يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم..»، وقال فيه: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر». رواه مسلم.
* يقول النبي صلى الله عليه وسلم لجويرية بعد أن خرج من عندها: «لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم، لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته».
* اجتمع ذات يوم وهيب بن الورد وسفيان الثوري ويوسف بن أسباط، فقال الثوري: كنت أكره موت الفجاءة قبل اليوم، واليوم وددت أني مت، فقال له يوسف: لم؟ قال: لما أتخوف من الفتنة، فقال يوسف: لكني لا أكره طول البقاء، فقال سفيان: لم؟ قال: لعلي أصادف يوما أتوب فيه وأعمل صالحا، فقيل لوهيب: ماذا تقول أنت؟ فقال: أنا لا اختار شيئاً، أحب ذلك إلي أحبه إلى الله سبحانه وتعالى، فقبله الثوري بين عينيه، وقال: روحانية ورب الكعبة.
* قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: «أنا أفكر من قديم في أمر نراه دائماً ولا أعرف له تعليلاً: لماذا يضيق أحدنا بالزمان إذا لم يجد ما يقطعه به؟ لماذا تثقل علينا ساعات الفراغ؟ لقد وجدت الجواب: إن ضعف الإيمان، ولو كنت فيما ينبغي أن أكون لأنست في خلوتي بالله، ولم أضق بالوحدة ولا كرهتها، ولما أضعت لحظة من حياتي التي سيسألني الله عنها في غير ما ينفعني عنده يوم العرض عليه، ولكن يا أسفي! ما عندي إلا الكلام، ورجاء العفو من الله». وقال رحمه الله أيضاً: «لماذا لا يعرفون النعم إلا عند فقدها؟ لماذا يبكي الشيخ على شبابه؟ لماذا لا نرى السعادة إلا إذا ابتعدت عنا، ولا نبصرها إلا غارقة في ظلام الماضي، أو متشحة بضباب المستقبل؟ كل يبكي ماضيه، ويحن إليه، فلماذا لا نفكر في الحاضر قبل أن يصير ماضياً؟»، وقال رحمه الله أيضاً «ومن هذه الأخلاق أننا لا نعرف قيمة الوقت، وأنا نضيع أوقاتنا سدى، ونذهب أعمارنا عبئاً لا نعرف لها قيمة، وهي أثمن ما نملك، وإذا كان فينا من يحسن الاستفادة من وقته، وينفقه في علم أو أدب أو شيء مما ينفع الناس، لم يعدم من الثقلاء من يضيع عليه وقته، ويسرق عمره، ولا يتوهم أنه أساء».
* نحتاج إلى الصديق الوفي لأنه المعين على الطريق، نحتاجه ليكون لنا بلسماً في مسير الحياة، نحتاجه حتى يكون بقربنا عند الملمات، نحتاج بين الفينة والأخرى أن نتبادل معه ابتسامة الذكريات، ونغير من نفسيات الروتين اليومي الممل، نحتاج الصديق الوفي الذي لا يتذكرك عند الحاجة، بل يتواصل معك على الدوام من أجل أن ينعم معك بحياة صالحة تذكرك بحياة أجمل تحت ظل عرش الرحمن، فالمتحابون في الله تعالى لهم منابر في النور، والمولى تعالى ينادي يوم القيامة: أين المتحابون في جلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
* كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحد من الصحابة في بعض أموره، قال: «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا». المرء لابد أن يتصف في مسير الحياة بشيء من اللين والرفق والحكمة والتيسير على الناس حتى يرتبطوا بحبل الله المتين، ويحبوا أن يسيروا دائماً على طريقه المستقيم.
* من شعر أبو العتاهية:
إلهي لا تعذبنــي فإني
مقر بالذي قد كان مني
ومالي حيلة إلا رجائي
وعفوك إن عفوت وحسن ظني
فكم من زلة لي بين البرايا
وأنت علي ذو فضل ومن
إذا فكرت في قدمي عليها
عضضت أناملي وقرعت سني
* بعد كل مرحلة ومرحلة من حياتك تعشق استراحة تأمل، وتعشق التأمل في صور الآخرين المشرقة، والأهم من ذلك تتأمل في آيات الله البينات وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفي كلام السلف الصالح، تحتاج أن تطهر نفسك مجدداً من متاعب العيش، تطهر نفسك من أخطاء الأيام، اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.