قبل عام من كتابة هذا المقال تطرقت لموضوع التجنيس الرياضي بمقال أطلقت عليه «التجنيس الرياضي الصحيح.. العنابي أنموذجاً!!!»، حيث أخذت دولة قطر أنموذجاً لهذه العملية بعد التقدم والسيطرة على منافسات ألعاب الصالات وتسيدها لها في الفترة الأخيرة،خصوصاً في لعبة كرة اليد والمستوى الذي ظهرت فيه في نهائيات كأس العالم وكسرها لأيدي الكبار ببلوغها المباراة النهائية كأول دولة عربية تصل لهذا المستوى في لعبة كرة اليد.
وقد تطرقت في المقال آنذاك لكلمة التجنيس الرياضي بأنها كلمة قد يشمئز منها البعض ويرحب بها البعض الآخر كونها تجربة مرت على أغلب الدول العربية والعالمية في جميع الألعاب الجماعية والفردية. ففرنسا فازت بكأس العالم لكرة القدم بفريق أغلبه من اللاعبين من أصول غير فرنسية، إن لم يكن المنتخب بأكمله، أضف إلى ذلك منتخبات ألعاب القوى التي غالباً ما يكون لاعبوها من أفريقيا، وتحديداً اللاعبين سمر البشرة، والكثير من تلك الحالات، وكان آخرها تجنيس إسبانيا للاعب فريق أتلتيكو مدريد سابقاً وتشيلسي حالياً دييغو كوستا البرازيلي الأصل لسد فراغ قلة المهاجمين في إسبانيا وغيره الكثير.
وبالفعل تعتبر الخطوات القطرية في استقطاب هذا الكم من اللاعبين الذين يعتبرون الصفوة المنتقاة تلبي الطموح القطري بعد أن اجتاز اليوم حدود الخليج العربي وحتى القارة الصفراء، وما عاد الطموح اليوم التأهل لنهائيات كأس العالم والدخول بمشاركة شرفية لتسجيل الحضور فقط، فقد تعدى الطموح اليوم ذلك ووصل للعالمية بالعمل الواقعي كوننا لو عدنا لطبيعتنا في الخليج العربي، وخصوصاً طبيعة البنية الجسمانية، فمن النادر أن نجد مثل تلك الأطوال أو الضخامة الموجودة في المنتخب القطري اليوم، وإن وجدنا عنصراً أو عنصرين يمتلكان تلك المقومات، فالبقية ستفقد المنظومة تكاملها بالفارق الواضح في البنية. ولم تكتف قطر بهذه المجموعة المميزة من اللاعبين بل توجتهم بالتعاقد مع أفضل مدرب في العالم وهو الإسباني فاليرو فييرا الذي استطاع توظيف هؤلاء اللاعبين بالشكل السليم للتعامل مع أعتى المنتخبات في عالم لعبة كرة اليد.
واليوم في نهائيات كأس العالم لكرة اليد المقامة حالياً في دولة قطر أكد المنتخب القطري نظرية التجنيس الصحيح وضربت قطر للجميع أنموذجاً سليماً نافست به كبار المنتخبات وأحرجت حامل اللقب «المنتخب الإسباني» في الدور التمهيدي، وأخرجت أحد أبطال العالم «المانشافت الألماني» من الدور ربع النهائي بكل جدارة، فنحن نرى البعض يعيب على المنتخب القطري الكم الهائل من اللاعبين من أصول مختلفة توزعت بين الشمال الأفريقي ودول أوروبا الشرقية، والبعض الآخر أثنى على خطوات العنابي في استقطاب النخبة وتجنيسها لرقي اللعبة، لكن في نهاية المطاف فإن أي إنجاز لن يسجل إلا باسم دولة قطر فقط وهذا هو المطلوب.
في الختام..
على الرغم من أن طعم الفوز والإنجاز يختلف إن كان بيد ابن الوطن عن غيره، لكن هي فكرة جميلة «التجنيس في الرياضة» لكن بشرط أن تكون للصفوة وللرقي وللعمل لمصلحة المنتخبات لا من أجل أندية معينة وخلافة إن كان هدفنا المنافسة الكبيرة والصعود للمستويات الأعلى، بدلاً من الاكتفاء بالمسابقات الإقليمية فقط.