يوم أمس (الأحد) كان الأول من شهر فبراير الذي يكاد البعض يعتبره مقدسا وينتظر حلوله على أحر من الجمر، ذلك أنه في الرابع عشر منه سنة 2011 بدأت الحركة التي أراد البعض منها ما أراد وأدخل البلاد بفعله الطائش في مشكلة أدت إلى انشقاق مجتمع البحرين المتآلف منذ مئات السنين، وتسبب في جرح المحبة بين المنتسبين للمذهبين الكريمين، وأفسح المجال لدول قريبة وبعيدة للتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين، وهو ما أدى إلى تعقد المشكلة إلى الحد الذي فقد كثيرون الأمل في الخروج منها وعودة شعب البحرين إلى ما كان عليه من ود ووئام.
أربع سنوات كلفت شعب البحرين والحكومة الكثير وأضرت بالاقتصاد وتسببت في توتير العلاقة مع دولة جارة، هي إيران، والتي للأسف صارت تعتبر تدخلها في الشؤون الداخلية للبحرين حقاً مكتسباً وتكليفاً شرعياً، ولا تزال مستمرة في دعم «المعارضة» المتمثلة في جمعية الوفاق والمجموعات المتفرعة عنها، فهي تدعم كل من يقرر أن يرفع صوته في وجه الحكومة، ولا تتردد عن مده بكل ما يحتاجه ويعينه على التمرد وإثارة الفوضى.
منذ أيام بدأ «التسخين» لما اعتبروه «يوم ميلاد الثورة»، فتم إخراج الفتية في مظاهرات بغية تحفيز الآخرين الذين ملوا من هكذا حال، مستغلين محاكمة أمين عام الوفاق واستمرار توقيفه ليكون محركا إضافيا، ما يعني أن المتوقع هو أن يشهد هذا الشهر مواجهات مع رجال الأمن قد ينتج عنها ضحايا من الطرفين، وتؤثر سلبا على إيقاع حياة الناس الذين يراد منهم أن يكونوا أداة ضغط على الحكومة كي تعطي تنازلات، حيث الخطة هي أن يشعر الناس بالضيق من الممارسات المتمثلة في اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارت يوميا، والمتمثلة أيضا في ما تسفر عنه المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن من أدخنة بيضاء وسوداء، فيطالبوا الحكومة بإيجاد حل سريع وتقديم التنازلات.
فبراير الذي هو في إحدى دول التعاون مهرجان للتسوق، وفي أخرى مهرجان فني، وفي ثالثة ثقافي وتمتلئ الساحات فيها وفي غيرها بالندوات والمؤتمرات التي تعود عليها بالخير، هذا الـ «فبراير» يعتبر بالنسبة للوفاق والمجموعات التابعة لها مهرجان للفوضى وممارسة العنف وجرح الحياة والتضييق على الناس بغية القول إن الحراك مستمر وإنه لا تنازل، وبغية تأكيد القول بأنكم «ستعجزون ولن نعجز» وأنهم على «صمود».
ليس البعض القليل الذي صار يستهوي الخروج في مسيرات ومظاهرات هو الذي بدأ التسخين لنشر الفوضى وممارسة أعمال العنف، فالفضائيات السوسة وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية هي الأخرى بدأت التسخين وتشجيع ذلك البعض عبر بث كل أخباره واعتبار كل مظاهرة خبراً عاجلاً، حتى لو كان المشاركون فيها يعدون على أصابع اليد الواحدة.
في هذا الشهر سنسمع الكثير من التصريحات السلبية والتهديدات، سواء على لسان مسؤولين إيرانيين أو خطباء مساجد فيها أو ممثلي أحزاب في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وبالتأكيد لن تمر المناسبة دون خطاب لأمين عام حزب الله، ومن تحريض مباشر من هادي المدرسي ومن تصريحات مليئة بالتهديد والوعيد من علماء دين في تلك الدول، ولن تمر المناسبة من دون مزايدات من نواب بريطانيين ومنظمات تعتبر كل ما يصلها من «المعارضة» صحيحاً ودقيقاً وصادقاً، حيث يكفي أنها ضد الحكومة لتصدقها وتصدق من ينقلها إليها.
في الغالب لن يكون فبراير هذا العام مختلفاً عن فبراير الأعوام الثلاثة السابقة، لكن لا يمكن استبعاد فكرة حصول مفاجآت، فما تعرضت له «المعارضة» أخيراً، خصوصاً جمعية الوفاق، من ضربات قاسية ومتتالية؛ كانت موجعة إلى الحد الذي يمكن أن تكون قد زادت من نسبة تعاطف تلك الدول والأحزاب والمنظمات معها فتشاركها في أفعالها.