نحن لسنا أمام اختبار لبيئتنا الاستثمارية ولسنا أمام اختبار للإعلام تلك الأقمصة العثمانية المرفوعة وتلك المصاحف المزعومة فليست هي ما فوق الرماح.
باختصار البحرين ومعها دول المنطقة تمر بمنعطف تكون فيها «دول» أو لا تكون، تحافظ على كيانها أو تسقط وتنهار وتختفي في ظل مشروع يهدف لإسقاط الدول وتفريغها؟ والذي نجح بالفعل في العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان، والبحرين ومعها المملكة العربية السعودية مازالتا في منطقة الخطر تتصديان لحماية نفسيهما.
في أوقات كهذه لا يكون الإعلام خارج نطاق التغطية الالتزامية تجاه استحقاق معركة مصيرية كهذه، وإلا كان عوناً عليها وسكيناً طاعناً في خاصرتها.
أربع سنوات والبحرين تواجه مشروعاً خططت له دول عظمى وإقليمية تصدت له بأرواح شهداء سقوا بدمائهم ترابها وبمصابين وجرحى مثخنين بجراحهم، أربع سنوات خاضت البحرين فيها حرباً للشوارع استخدم فيها العدو كل أنواع السلاح من قنابل وأسلحة نارية وأطنان من المتفجرات، ومعها خاض حرباً إعلامية تكالبت عليها وسائل إعلام أجنبية ومعها قناة الجزيرة أثخنوا فيه الجراح حين كان الإعلام «مبيضاً» للإرهاب ومسوقاً له ومروجاً لأفكاره تحت غطاء الرأي والرأي الآخر.
نحن لسنا في ظرف الرفاهية التي تسمح بالتهاون والاختبارات إذاً؟ ونحن للتو فرغنا من معركة مات فيها من مات والتفتنا للتو صوب الجناح السياسي والإعلامي والديني الذي كان داعماً للإرهاب ومروجاً له ومحبذاً له وممجداً له، للتو فرغت دول الخليج من إقناع القائمين على قناة الجزيرة أن دولنا من قطر وقطر منا وفينا، فإن لم تكن تريد أن تكون في عوننا على الإرهاب فلا تكن خصماً لنا، فهل نأتي ونفتح الجزيرة الثانية على أرضنا؟!!
للتو فرغت الدولة لهذه الأجنحة التي أطالت أمد الحرب على الإرهاب وروته وغذته ومنحته الغطاء والمظلة وسقته من تنظيراتها ومن تبريراتها ومن «لكناتها»، للتو اتفق العالم كله معنا بأن الأجنحة السياسية والإعلامية والدينية لا تقل خطراً عن خطر الدواعش والحوالش، وهي شريك إرهابي لا يقل خطراً عمن حمل المتفجرات أو حمل السلاح إن لم تكن أخطر لأنها المغذي ولأنها أنبوبة الأوكسجين التي تمنح الحياة لتلك الميليشيات.
لطالما مارست تلك الأجنحة كل أنواع التحشيد والتمجيد والتبرير تحت قميص الحيادية والحرية والتعددية الإعلامية، ألم يرقصوا على الدماء التي سالت على تراب هذا الوطن؟ خرجوا للقنوات الإعلامية وقالوا عن جثامين الشهداء دمى وليسوا بشراً، أربعة عشر شهيداً دفناهم وهم يكذبون وينكرون وجود قتلى لهم في الإعلام «الحر»، أكثر من 2000 مصاب كثير منهم بعاهات مستديمة أنكرهم الجناح السياسي بأمينه ومساعديه وصحيفتهم رابعهم باسطة ذراعيها تكذب الحقائق وتلويها وتغير المصطلحات وتبرر وتمجد وتحول كل من قبض عليهم إما إلى مجانين أو كانوا في طريقهم إلى الخباز.
كانوا يشجعون ويمجدون مرتكبي تلك الجرائم ويحملونهم على الأكتاف، وحين يسقط أحد منهم أثناء حمله السلاح وأثناء قتالهم مع رجال الأمن كانوا يصورونه شهيد الحق ويحملونه على الأكتاف يصورون جثته أثناء الغسل وفي دفنه ويحومون كالغربان حول المقابر ينتظرون أي جنازة ليسبغوا عليها صفة الشهادة حتى تحول الأمر إلى سخرية، فمن سقط على السلم شهيد، ومن مات في المستشفى من مرض فهو شهيد، كذبوا وزوروا وغيروا الحقائق وأخفوا ما يعرفونه، هذا كان دور جناحهم السياسي والإعلامي.
لم يبق سفير أو سفارة أو حكومة أجنبية إلا وذهبوا لها يلعقون أحذيتها يطالبونها بالتدخل في وطنهم في أقبح صور الخيانة والعمالة.
التزموا بقوانين كل الدول ليظهروا بمظهر الرقي والتحضر، أخذوا الرواتب والمكافآت، أخذوا المناصب والامتيازات من بلادهم، وصلوا إلى منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، ولهم حزبهم ولهم صحيفتهم، واحترموا كل التعهدات والاتفاقات الدولية، وحين وقفوا على المنصات في وطنهم الذي منحهم كل هذه الامتيازات قالوا «إن قوانين البحرين تحت حذائي» كل ذلك كان تحت بند «النشاط السياسي والحقوقي والإعلامي».
وتريد أن تقول لي إننا أمام مطالبين بإصلاح وناشطين سياسيين وحقوقيين يستحقون أن نفسح لهم المجال إعلامياً كي يعبروا عن رأيهم؟!
لقد بيضوا هم وإعلامهم الإرهاب وغسلوه كما تغسل الأموال المحرمة، وأي جهة إعلامية جديدة تفسح لهم المجال لن تكون سوى نوع جديد من أنواع سوائل التبييض، إنه «فانيش» جديد لا أكثر ولا أقل «لا عجب أن تقف وتصطف صحيفة الجناح الإعلامي للإرهاب مع من منحهم نافذة جديدة كأنبوبة الأوكسجين وقد كانوا يلفظون أنفاسهم».
نعم نحن إعلاميون ونطالب برفع السقف وحرية التعبير ونطالب بالحيادية والاستماع لوجهات النظر المتعددة، لكننا قبل أن نكون إعلاميين نحن مواطنون، نحن أبناء هذه الأرض التي إن خدشت دفعنا أرواحنا بلسماً لجراحها، فليذهب أي سبق صحافي أو أي نجاح مهني أو استثمار للجحيم إن جاء على حساب البحرين أو حساب المملكة العربية السعودية.
واضح؟!!